ولما كان وجوده سبحانه لذاته، ولم يكن مستفاداً من غيره، فإن ما استفيد وجوده من غيره كان ممكناً، كان لا يمكن شرح اسمه الذي هو هو، لا اسم لحقيقة غيره يقوم من جنس ولا نوع ولا فصل لأنه لا جنس له ولا نوع له ولا سبب يعرف به، والذي لا سبب له لا يمكن معرفته إلا بلوازمه، واللوازم منها سلبية ومنها إضافية ومنها قريبة ومنها بعيدة، والتعريف بالإضافية وبالقريبة أتم من التعريف بالسلبية وبالبعيدة، لأن البعيد كالضاحك الذي هو بعد المتعجب بالنسبة إلى الإنسان لا يكون معلولاً لشيء بل معلولاً لمعلوله، وبالجمع بين السلبية والإضافية أتم من الاقتصار على أحدهما، فلذلك اختير اسم جامع للنوعين ليكون التعريف أتم، وذلك هو كون تلك الهوية إلهاً، فاختير لذلك اسم دال عليها وهو مختص غير مشترك، وهو أول مظاهر الضمير كما أن الهمزة أول مظاهر الألف، ولهذا قال بعضهم : الاسم الأعظم آخر الظواهر من الأسماء، ولهذا كانت كلها صفات له وهو أول البواطن، فقال مكاشفاً للأرواح وللموحدين :﴿الله﴾ أي الموجود الذي لا موجود في الحقيقة سواه! هو المسمى بهذا الاسم، واختير هذا الاسم للإخبار عنه لدلالته على جميع صفات الكمال : الجلال والجمال ولأنه اسم جامع لجميع معاني الأسماء الحسنى، وهو أقرب اللوازم إلى الهوية الهوية لأنه لا لازم لها أقرب من وجوب الوجود الذي هو مقتضى الذات على ما هي عليه من الصفات، لا بواسطة شيء آخر، وبواسطة وجوب وجوده كان مفيضاً باختياره الإيجاد على كل شيء أراده، ومجموع الوجوب الذي هو سلب وحده الإيجاد الذي هو اختيار للجود بإضافة الوجود وإضافة للإلهية التي جمعتها الجلالة، وهي أقرب اللوازم إلى الذات الأقدس، ودل التعبير به على أنه لا مقوم للهوية من جنس ولا غيره ولا سبب، وإلا لكان العدول عنه إلى التعريف باللازم قاصراً، وعلى أن إلهيته على الإطلاق لجميع الموجدات، فكان شرح تلك الهوية باللازم أبلغ


الصفحة التالية
Icon