جزء أحد من جزأين فما فوقهما، وقد سمى الله نفسه واحداً أحداً ووصف نفسه بالوحدانية والأحدية، فالواحد نعت يلزمه على الحقيقة لأنه كان قبل ولا ثاني معه، والثاني خلال الواحد، فهو واحد لاتحاده في القدم، والخلق اثنان لاقترانه بالحدث لأن الحدث ثان للقدم، وبه ظهرت التثنية، فالواحد هو الأحد في ذاته فهو لا شيء قبله ولا من شيء ولا في شيء ولا على شيء ولا لشيء ولا مع شيء، فيكون ذاك الشيء ثانياً معه بل هو الواحد منشىء والأشياء كلها له، وهو المتحد بذاته ممتنع من أن يكون له شيء ثانياً بوجه من الوجوه والخلق كله له، وإن كان يسمى بالواحد، أو كانت هذه الصفة قد لزمت جميع الأشياء في وجه فإنها تزول عنها في وجه.
كما قيل : إنسان واحد وفرس واحد وبعير واحد، وكذلك يقال لسائر الأشياء، وهذه صفة تلزمها في اللفظ، والمسمى لا يخلو من معان كثيرة مجتمعة فيه كالجسم والعرض، وهو واحد مجموع من أشياء متفرقة، وكل شيء لا يخلو من ازدواج وتضاد وتشاكل وحد وعد، وهذه الصفات كلها تنفي عنه معنى الأحدية والواحدية، وفي الواحد عن العرب لغات كثيرة، يقال : واحد وأحد ووحد ووحيد وحاد وأحاد وموحد وأوحد - وهذا كله راجع إلى معنى الواحد، وإن كان في ذلك معان لطيفة ولم يجىء في صفة الله عز وجل إلا الواحد والأحد، قلت : والوحيد على بعض الإعرابات في المدثر، قال : وكلها مشتقة من الواحد، وكأن ذلك مأخوذ من الحد.