ولما بين أنه لا فصل له، ظهر أنه لا جنس له، فدل عليه بقوله :﴿ولم يولد﴾ لأنه لو تولد عنه غيره تولد هو عن غيره كما هو المعهود والمعقول، فهو قديم لا أول له بل هو الأول الذي لم يسبقه عدم، أن الولادة لا تكون ولا تتشخص إلا بواسطة المادة وعلاقتها، وكل ما كان مادياً أو كان له علاقة بالمادة، كان متولداً عن غيره فكان لا يصح أن يتولد عنه شيء لأنه لا يصح أن يكون هو متولداً عن غيره لأنه لا ماهية له ولا اعتبار لوجوده سوى أنه هو، فهويته لذاته، ومن كانت هويته لذاته لم يصح بوجه أن يتولد عن غيره لأنه لو تولد عن غيره لم يكن هو هو لذاته، ولا يكون أحداً حقيقياً ولا صمداً، فينتفي من أصله، ولا يكون له من ذاته إلا العدم، فقد تبين أنه واجب الوجود، فوضح كالشمس أنه ليس مادياً لأنه غير محتاج بوجه، فلا يصح أن يتولد عنه غيره، لأنه لم يصح أن يتولد هو عن غيره، ومن كان كذلك لم يكن له مثل، فلا يصح بوجه أن يساويه شيء ليصح أن يقوم مقامه فيما بين ما انتفى في الأول والآخر، فدل على ذلك إتماماً لشرح حقيقته المعبر عنها بهو بقوله :﴿ولم يكن﴾ أي لم يتحقق ولم يوجد بوجه من الوجوه ولا بتقدير من التقادير ﴿له﴾ أي خاصة ﴿كفواً﴾ أي مثلاً ومساوياً ﴿أحد﴾ على الإطلاق، أي لا يساويه في قوة الوجود لأنه لو ساواه في ذلك لكانت مساواته باعتبار الجنس والفصل، فيكون وجوده متولداً عن الازدواج الحاصل من الجنس الذي يكون كالأم، والفصل الذي يكون كالأب، وقد ثبت أنه لا يصح بوجه أن يكون في شيء من الولادة، لأن وجوب وجوده لذاته، فانتفى أن يساويه شيء في قوة وجوده، فانتفى قطعاً أن يساويه أحد في شيء من قوة أفعاله، فعطف هاتين الجملتين على الجملة التي قبلها لأن الثلاث شرح الصمدية النافية لأقسام الأمثال، فهي كالجملة الواحدة، وقدم الظرف في الثالثة لأن المقصود الأعظم نفي المكافأة عن الذات الأعظم، فكان أهم " وكفواً " حال من