وقد استخلصت الكلام على الاسمين الشريفين من عدة شروح للأسماء الحسنى وغيرها، منها شرح الفخر الرازي والفخر الحرالي وغيرهما - قالوا : الواحد الذي لا كثرة فيه بوجه لا بقسمة ولا بغيرها مع اتصافه بالعظمة ليخرج الجوهر الفرد وهو الذي لا يتثنى، أي لا ضد له ولا شبيه، فهو سبحانه وتعالى واحد بالمعنيين على الإطلاق لا بالنظر إلى حال ولا شيء، قال الإمام أبو العباس الاقليشي في شرح الأسماء الحسنى : هذه حقيقة الوحدة عند المحققين فلا يصح أن يوصف شيء مركب بها إلا مجازاً كما تقول : رجل واحد ودرهم واحد، وإنما يوصف بها حقيقة ما حراك له كالجوهر عند الأشعرية غير أنك إذا نظرت فوجدت وجوده من غيره علمت أن استحقاقه لهذا الوصف ليس كاستحقاق موجده له، وهو أيضاً إنما يوصف به لحقارته، وموجده سبحانه وتعالى موصوف به مع اتصافه بالعظمة، فاتصافه بالوحدة على الإطلاق، والاتصاف بالجوهر بالنظر إلى عدم التركيب من الجسم مع صحة اتصافه بأنه جزء يزل عنه حقيقة ذلك، والوحدة أيضاً بالنظر إلى المعنى الثاني - وهو ما لا نظر له - لا تصح بالحقيقة إلا له سبحانه وتعالى، وكل ما نوعيته في شخصيته كالعرش والكرسي والشمس والقمر يصح أن يقدر لها نظائر، ولها معنى ثالث وهو التوحيد بالفعل والإيجاد، فيفعل كل ما يريد من غير توقف على شيء، والفرق بين هذا الوجه والذي قبله أن الأول ناظر إلى نفي إله ثان، وهذا ناف لمعين ووزير، وكلاهما وصف ذاتي سلبي، والحاصل أن النظر الصحيح دل على أن لنا موجداً واحداً بمعنى أنه لا يصح أن يلحقه نقص لقسمته بوجه من الوجوه، وبمعنى أنه معدوم النظير بكل اعتبار، ومعنى أنه مستبد بالفعل مستقل بالإيجاد ومتوحد بالصنع منفرد بالتدبير، قضى بهذا شاهد العقل المعصوم من ظلمة الهوى وكثافة الطبع، وورد به قواطع النقل ونواطق السمع، ولهذا كان من أعظم الخلق دعاؤه سبحانه وتعالى لجميع الخلق، وكانت دعوة رسوله الخاتم ـ