وقال الأستاذ المفسر الثعلبي في تفسيره : قال ابن عباس وعائشة، رضي الله عنهما : كان غلام من اليهود يخدم رسول الله ﷺ فدبَّت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ مُشَاطة رأس النبي ﷺ وعدة أسنان من مُشطه، فأعطاها اليهود، فسحروه فيها. وكان الذي تولى ذلك رجل منهم - يقال له :[لبيد] بن أعصم - ثم دسها في بئر لبني زُرَيق، ويقال لها : ذَرْوان، فمرض رسول الله ﷺ وانتثر شعر رأسه، ولبث ستة أشهر يُرَى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، وجعل يَذُوب ولا يدري ما عراه. فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فَقَعَد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : ما بال الرجل ؟ قال : طُبَ. قال : وما طُبَ ؟ قال : سحر. قال : ومن سحره ؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي. قال : وبم طَبَه ؟ قال : بمشط ومشاطة. قال : وأين هو ؟ قال : في جُفَ طلعة تحت راعوفة في بئر ذَرْوَان - والجف : قشر الطلع، والراعوفة : حجر في أسفل البئر ناتئ يقوم عليه الماتح - فانتبه رسول الله ﷺ مذعورًا، وقال :"يا عائشة، أما شعرت أن الله أخبرني بدائي ؟ ". ثم بعث رسول الله ﷺ عليا والزبير وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء البئر كأنه نُقاعة الحناء، ثم رفعوا الصخرة، وأخرجوا الجف، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه، وإذا فيه وتر معقود، فيه اثنتا عشرة عقدة مغروزة بالإبر. فأنزل الله تعالى السورتين، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد رسول الله ﷺ خفة حين انحلت العقدة الأخيرة، فقام كأنما نَشطَ من عقال، وجعل جبريل، عليه السلام، يقول : باسم الله أرْقِيك، من كل شيء يؤذيك، من حاسد وعين الله يشفيك. فقالوا : يا رسول الله، أفلا نأخذ الخبيث نقتله ؟ فقال رسول الله ﷺ :"أما أنا فقد شفاني الله، وأكره أن يثير على