قال الإمام المازري : مذهب أهل السّنة، وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثّابتة خلافاً لمن أنكر ذلك، ونفى حقيقته، وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها، وقد ذكره الله في كتابه، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرق بين المرء، وزوجه وهذا كله لا يمكن أن يكون مما لا حقيقة له وهذا الحديث الصحيح مصرح بإثباته، ولا يستنكر في العقل أن الله تعالى يخرق العادة عند النطق بكلام ملفق أو تركيب أجسام أو المزج بين قوي لا يعرفها إلا الساحر، وأنه لا فاعل إلا الله تعالى، وما يقع من ذلك فهو عادة أجراها الله تعالى على يد من يشاء من عباده.
فإن قلت المستعاذ منه هل هو بقضاء الله، وقدره فذلك قدح في القدرة.
قلت كل ما وقع في الوجود هو بقضاء الله وقدره، والاستشفاء بالتّعوذ، والرّقى من قضاء الله، وقدره يدل على صحة ذلك.
ما روى التّرمذي عن ابن أبي خزامة عن أبيه قال :" سألت رسول الله ( ﷺ ) فقلت يا رسول الله أرأيت رقى نسترقي بها، ودواء نتداوى به، وتقاة نتقيها هل ترد من قدر الله شيئاً، قال : هي من قدر الله تعالي " قال التّرمذي : هذا حديث حسن وعن عمر نفر من قدر الله إلى قدر الله تعالى.
( فصل )
وقد أنكر بعض المبتدعة حديث عائشة المتفق عليه، وزعم أنه يحط منصب النّبوة ويشكك فيها وأن تجويزه يمنع الثّقة بالشّرع.
ورد على هذا المبتدع بأن الذي ادعاه باطل لأن الدّلائل القطعية، والنقلية قد قامت على صدقه ( ﷺ )، وعصمته فيما يتعلق بالتبليغ، والمعجزة شاهدة بذلك، وتجويز ما قام الدليل بخلافه باطل.
وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا، وهو ما يعرض للبشر فغير بعيد أن يخيل إليه من أمور الدنيا ما لا حقيقة له.