﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ الحسد خُلُق مذموم طبعاً وشرعاً، قال رسول الله ﷺ :" الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " وقال بعض العلماء : الحسد أول معصية عُصِيَ الله بها في السماء والأرض أما في السماء فحسد إبليس لآدم وأما في الأرض فقتل قابيل لأخيه هابيل بسبب الحسد، ثم إن الحسد على درجات. الأولى : أن يحب الإنسان زوال النعمة عن أخيه المسلم وإن كانت لا تنتقل إليه بل يكره إنعام الله على غيره ويتألم به. الثانية : أن يحب زوال تلك النعمة لرغبته فيها وجاء انتقالها إليه. الثالثة : أن يتمنى لنفسه مثل تلك النعمة من غير أن يحب زوالها عن غيره وهذا جائز وليس بحسد وإنما هو غبطة. والحاسد يضر نفسه ثلاث مضرات : أحدها : اكتساب الذنوب لأن الحسد حرام. الثانية : سوء الأدب مع الله تعالى، فإن حقيقة الحسد كراهية إنعام الله على عبده واعتراض على الله في فعله. الثالثة : تألم قلبه من كثرة همه وغمه. فنرغب إلى الله أن يجعلنا محسودين لا حاسدين، فإن المحسود في نعمة والحاسد في كرب ونقمة، والله در القائل :
| وإني لأرحم حسَّادي لفرط ما | ضمَّت صدورهمُ من الأوغار |
| نظروا صنيع الله بي فعيونهم | في جنة وقلوبهم في نار |
وقال آخر :| إن يحسدوني فإني غيرُ لائمهم | قبلي من الناس أهلَ الفضل قد حسدوا |
| فدام لي ولهم ما بي وما بِهمُ | وماتَ أكثرنا غيضاً بما يجدُ |
ثم إن الحسود لا تزال عداوته ولا تنفع مداراته وهو ظالم يشاكي كأنه مظلوم، ولقد صدق القائل :
| كل العداوة قد ترجى إزالتها | إلا عداوة من عاداك من حسد |
وقال حكيم الشعراء :| وأظلم خلق الله من بات حاسداً | لمن بات في نعمائه يتقلب |