﴿ وَمِن شَرّ النفاثات فِى العقد ﴾
ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها، والنفث النفخ مع ريق وتخصيصه. " لما روي أن يهودياً سحر النبي ﷺ في إحدى عشرة عقدة في وتر دسه في بئر، فمرض النبي ﷺ ونزلت المعوذتان " وأخبره جبريل عليه الصلاة والسلام بموضع السحر فأرسل علياً رضي الله تعالى عنه فجاء به فقرأهما عليه، فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد بعض الخفة، ولا يوجب ذلك صدق الكفرة في أنه مسحور، لأنهم أرادوا به أنه مجنون بواسطة السحر. وقيل المراد بالنفث في العقد إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقد بنفث الريق ليسهل حلها وإفرادها بالتعريف لأن كل نفاثة شريرة بخلاف كل غاسق وحاسد.
﴿ وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ إذا أظهر حسده وعمل بمقتضاه، فإنه لا يعود ضرر منه قبل ذلك إلى المحسود بل يخص به لاغتمامه بسروره، وتخصيصه لأنه العمدة في إضرار الإِنسان بل الحيوان غيره، ويجوز أن يراد بالغاسق ما يخلو عن النور وما يضاهيه كالقوى وب ﴿ النفاثات ﴾ النباتات، فإن قواها النباتية من حيث أنها تزيد في طولها وعرضها وعمقها كانت تنفث في العقد الثلاثة، وبالحاسد الحيوان فإنه إنما يقصد غيره غالباً طمعاً فيما عنده، ولعل إفرادها من عالم الخلق لأنها الأسباب القريبة للمضرة.
عن النبي ﷺ " لقد أنزلت عليَّ سورتان ما أنزل مثلهما (١) وإنك لن تقرأ سورتين أحب ولا أرضى عند الله منهما يعني المعوذتين ". (٢) أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٥ صـ ٥٥٠ ـ ٥٥٢﴾
______
(١) رواه مسلم.
(٢) رواه ابن ماجه.