من قوله تعالى :﴿ إلى غسق الليل ﴾ ومنه : غسقت العين : امتلأت دمعاً، وغسقت الجراحة : امتلأت دماً، ووقوبه : دخول ظلامه في كل شيء، انتهى.
وقال الزجاج : هو الليل لأنه أبرد من النهار، والغاسق : البارد، استعيذ من شره لأنه فيه تنبث الشياطين والهوام والحشرات وأهل الفتك.
قال الشاعر :
يا طيف هند لقد أبقيت لي أرقاً...
إذ جئتنا طارقاً والليل قد غسقا
وقال محمد بن كعب : النهار دخل في الليل.
وقال ابن شهاب : المراد بالغاسق : الشمس إذا غربت.
وقال القتبي وغيره : هو القمر إذا دخل في ساهوره فخسف.
وفي الحديث :" نظر ( ﷺ ) إلى القمر فقال : يا عائشة، نعوذ بالله من هذا، فإنه الفاسق إذا وقب " وعنه ( ﷺ ) :" الغاسق النجم " وقال ابن زيد عن العرب : الغاسق : الثريا إذا سقطت، وكانت الأسقام والطاعون تهيج عند ذلك.
وقيل : الحية إذا لدغت، والغاسق سم نابها لأنه يسيل منه.
والنفاثات : النساء، أو النفوس، أو الجماعات السواحر، يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها ويرقين.
وقرأ الجمهور :﴿ النفاثات ﴾ ؛ والحسن : بضم النون، وابن عمر والحسن أيضاً وعبد الله بن القاسم ويعقوب في رواية النافثات ؛ والحسن أيضاً وأبو الربيع : النفثات بغير ألف، نحو الخدرات.
والاستعاذة من شرهن هو ما يصيب الله تعالى به من الشر عند فعلهن ذلك.
وسبب نزول هاتين المعوذتين ينفي ما تأوله الزمخشري من قوله : ويجوز أن يراد به النساء ذات الكيادات من قوله :﴿ إن كيدكن عظيم ﴾ تشبيهاً لكيدهن بالسحر والنفث في العقد، أو اللاتي يفتن الرجال بتعرضهنّ لهم، وعرضهنّ محاسنهن، كأنهن يسحرنهم بذلك، انتهى.
وقال ابن عطية : وهذا النفث هو على عقد تعقد في خيوط ونحوها على اسم المسحور فيؤذي بذلك، وهذا الشأن في زماننا موجود شائع في صحراء المغرب.


الصفحة التالية
Icon