واعلم أن الخلق كله فلق وذلك أن فلقا فعل بمعنى مفعول كقبض وسلب وقنص بمعنى مقبوض ومسلوب ومقنوص والله عز وجل فالق الإصباح وفالق الحب والنوى وفالق الأرض عن النبات والجبال عن العيون والسحاب عن المطر والأرحام عن الأجنة والظلام عن الإصباح ويسمى الصبح المتصدع عن الظلمة فلقا وفرقا يقال هو
أبيض من فرق الصبح وفلقه وكما أن في خلقه فلقا وفرقا فكذلك أمره كله فرقان يفرق بين الحق والباطل فيفرق ظلام الباطل بالحق كما يفرق ظلام الليل بالإصباح ولهذا سمى كتابه الفرقان ونصره فرقانا لتضمنه الفرق بين أوليائه وأعدائه ومنه فلقة البحر لموسى وسماه فلقا فظهرت حكمة الاستعاذة برب الفلق في هذه المواضع وظهر بهذا إعجاز القرآن وعظمته وجلالته وأن العباد لا يقدرون قدره ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾.

فصل :



الصفحة التالية
Icon