" فصل "
قال السيوطى :
سورة الفلق والناس
أقول : هاتان السورتان نزلنا معاً، كما في الدلائل للبيهقي فلذلك قُرتنا، مع ما اشتركتا فيه من التسمية بالمعوذتين، ومن الافتتاح بقل أعوذ، وعقب بهما سورة الإخلاص، لأن الثلاثة سميت في الحديث بالمعوذات، وبالقوافل وقدمت الفلق على الناس - وإن كانت أقصر منها - لمناسبة مقطعها في الوزان لفواصل الإخلاص مع مقطع تبت وهذا آخر ما من الله به على من استخراج مناسبات ترتيب السور، وكله من مستنبطاتي، ولم أعثر فيه على شيء لغيري إلا النزر اليسير الذي صرحت بعزوى له، فلله الحمد على ما ألهم، والشكر على ما من به وأنعم، سبحانك لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ثم رأيت الإمام فخر الدين ذكر في تفسيره كلاماً لطيفاً في مناسبات هذه السور، فقال في سورة الكوثر : اعلم أن هذه السورة كالمتممة لما قبلها من السور، وكالأصل لما بعدها أما الأول، فلأنه تعالى جعل سورة الضحى في مدح النبي ﷺ، وتفصيل أحواله، فذكر في أولها ثلاثة أشياء تتعلق بنبوته (ما ودعكَ ربُكَ وما قلى وللآخرةُ خيرٌ لكَ من الأولى ولسوفَ يُعطيكَ رَبُكَ فترضى) ثم ختمها بثلاثة أحوال من أحواله فيما يتعلق بالدنيا :(أَلم يجِدكَ يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدكَ عائلاً فأغنى) ثم ذكر في سورة ألم نشرح أنه شرفه بثلاثة أشياء : شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر ثم شرفه في سورة التين بثلاثة أشياء أنواع : أقسم ببلده، وأخبر بخلاص أمته من الناس بقوله :(إلا الذين آمنوا) ووصولهم إلى الثواب بقوله :(فلهم أَجرٌ غيرُ ممنون) وشرَّفه في سورة اقرأ بثلاثة أنواع :(اقرأ باسم ربِكَ) وقهر خصمه بقوله :(فليدع ناديه سندع الزبانية) وتخصيصه بالقرب في قوله :(واسجد واقترب) وشرفه في سورة القدر بليلة القدر، وفيها ثلاثة أنواع من الفضيلة : كونها خيراً من ألف شهر، وتنزل الملائكة والروح فيها، وكونها سلاماً حتى مطلع الفجر وشرفه في (لم يكُن) بثلاثة أشياء : أنهم خير البرية،