ذكروا في : الفلق وجوهاً أحدها : أنه الصبح وهو قول الأكثرين قال الزجاج : لأن الليل يفلق عنه الصبح ويفرق فعل بمعنى مفعول يقال : هو أبين من فلق الصبح ومن فرق الصبح وتخصيصه في التعوذ لوجوه الأول : أن القادر على إزالة هذه الظلمات الشديدة عن كل هذا العالم يقدر أيضاً أن يدفع عن العائذ كل ما يخافه ويخشاه الثاني : أن طلوع الصبح كالمثال لمجيء الفرج، فكما أن الإنسان في الليل يكون منتظراً لطلوع الصباح كذلك الخائف يكون مترقياً لطلوع صباح النجاح الثالث : أن الصبح كالبشرى فإن الإنسان في الظلام يكون كلحم على وضم، فإذا ظهر الصبح فكأنه صاح بالأمان وبشر بالفرج، فلهذا السبب يجد كل مريض ومهموم خفة في وقت السحر، فالحق سبحانه يقول : قل أعوذ برب يعطي إنعام فلق الصبح قبل السؤال، فكيف بعد السؤال الرابع : قال بعضهم : إن يوسف عليه السلام لما ألقي في الجب وجعت ركبته وجعاً شديداً فبات ليلته ساهراً فلما قرب طلوع الصبح نزل جبريل عليه السلام بإذن الله يسليه ويأمره بأن يدعوا ربه فقال : يا جبريل ادع أنت وأؤمن أنا فدعا جبريل وأمن يوسف فكشف الله ما كان به من الضر، فلما طاب وقت يوسف قال جبريل : وأنا أدعو أيضاً وتؤمن أنت، فسأل يوسف ربه أن يكشف الضر عن جميع أهل البلاء في ذلك الوقت، فلا جرم ما من مريض إلا ويجد نوع خفة في آخر الليل، وروي أن دعاءه في الجب : يا عدتي في شدتي ويا مؤنسي في وحشتي ويا راحم غربتي ويا كاشف كربتي ويا مجيب دعوتي، ويا إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ارحم صغر سني وضعف ركني وقلة حيلتي يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام الخامس : لعل تخصيص الصبح بالذكر في هذا الموضع لأنه وقت دعاء المضطرين وإجابة الملهوفين فكأنه يقول : قل أعوذ برب الوقت الذي يفرج فيه عن كل مهموم السادس : يحتمل أنه خص الصبح بالذكر لأنه أنموذج من يوم القيامة لأن الخلق كالأموات والدور كالقبور، ثم منهم من يخرج من داره


الصفحة التالية
Icon