﴿وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا﴾ [ الشورى : ٤٠ ] وقوله :﴿فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ] وعن الثالث أن أسماء الله توقيفية لا اصطلاحية، ثم الذي يدل على جواز تسمية الأمراض والأسقام بأنها شرور قوله تعالى :﴿إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً﴾ [ المعارج : ٢٠ ] وقوله :﴿وَإِذَا مَسَّهُ الشر فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ﴾ [ فصلت : ٥١ ] وكان عليه السلام يقول :" وأعوذ بك من شر طوارق الليل والنهار ".
المسألة الثانية :
طعن بعض الملحدة في قوله :﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الفلق * مِن شَرّ مَا خَلَقَ﴾ من وجوه أحدها : أن المستعاذ منه أهو واقع بقضاء الله وقدره، أو لا بقضاء الله ولا بقدره ؟ فإن كان الأول فكيف أمر بأن يستعيذ بالله منه، وذلك لأن ما قضى الله به وقدره فهو واقع، فكأنه تعالى يقول : الشيء الذي قضيت بوقوعه، وهو لا بد واقع فاستعذ بي منه حتى لا أوقعه، وإن لم يكن بقضائه وقدره فذلك يقدح في ملك الله وملكوته وثانيها : أن المستعاذ منه إن كان معلوم الوقوع فلا دافع له، فلا فائدة في الاستعاذة وإن كان معلوم اللاوقوع، فلا حاجة إلى الاستعاذة وثالثها : أن المستعاذ منه إن كان مصلحة فكيف رغب المكلف في طلب دفعه ومنعه، وإن كان مفسدة فكيف خلقه وقدره، واعلم أن الجواب عن أمثال هذه الشبهات، أن يقال إنه :
﴿لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ﴾ [ الأنبياء : ٢٣ ] وقد تكرر هذا الكلام في هذا الكتاب.
وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣)
ذكروا في الغاسق وجوهاً أحدها : أن الغاسق هو الليل إذا عظم ظلامه من قوله :﴿إلى غسق الليل﴾ [ الإسراء : ٧٨ ] ومنه غسقت العين إذا امتلأت دمعاً وغسقت الجراحة إذا امتلأت دماً، وهذا قول الفراء وأبي عبيدة، وأنشد ابن قيس :
إن هذا الليل قد غسقا.. واشتكيت الهم والأرقا


الصفحة التالية
Icon