فأما المروي من سحر النبي ﷺ فقد أثبته أكثرهم، وأن قوماً من اليهود سحروه وألقوا عقدة سحره في بئر حتى أظهره الله عليها.
روى أبو صالح عن ابن عباس أن النبي ﷺ اشتكى شكوى شديدة، فبينا هو بين النائم واليقظان إذا ملكان أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما : ما شكواه؟ فقال الآخر : مطبوب، ( أي مسحور، والطب : السحر ) قال : ومن طبّه؟ قال : لبيد بن الأعصم اليهودي فطرحه في بئر ذروان تحت صخرة فيها، فبعث رسول الله ﷺ عمار بن ياسر فاستخرج السحر منها، ويروى أن فيه إحدى عشرة عقدة، فأمر بحل العقد، فكان كلما حل عقدة وجد راحة، حتى حلت العقد كلها، فكأنما أنشط من عقال، فنزلت عليه المعوذتان، وهما إحدى عشرة آية بعدد العقد، وأمر أن يتعوذ بهما.
وأنكره آخرون، ومنعوا منه في رسول الله ﷺ وإن صح في غيره، لما في استمراره عليه من خبل العقل، وأن الله تعالى قد أنكر على من قال في رسوله حيث يقول :﴿ إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً ﴾.
﴿ ومن شر حاسد إذا حسد ﴾ أما الحسد فهو تمني زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها، والمنافسة هي تمني مثلها وإن لم تزل، فالحسد شر مذموم، والمنافسة رغبة مباحة، وقد روي أن النبي ﷺ قال :" المؤمن يغبط والمنافق يحسد ".
وفي الاستعاذة من شر حاسد إذا حسد وجهان :
أحدهما : من شر نفسه وعينه، فإنه ربما أصاب بها فعان وضر، والمعيون المصاب بالعين، وقال الشاعر :
قد كان قومُك يَحْسبونك سيّدا... وإخال أنك سيدٌ مَعْيونُ
الثاني : أن يحمله فرط الحسد على إيقاع الشر بالمحسود فإنه يتبع المساوىء ويطلب العثرات، وقد قيل إن الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء والأرض فحسد إبليس آدم حتى أخرجه من الجنة، وأما في الأرض فحسد قابيل بن آدم لأخيه هابيل حتى قتله، نعوذ بالله من شر ما استعاذنا منه.


الصفحة التالية
Icon