بحث نفيس
هل على الإنسان التزام مذهب معين أم لا ؟.
اعلم أولاً - علمك الله تعالى كل خير - أن مذاهب السلف الماضين من الصحابة [ والتابعين ] وتابعي التابعين - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - كثيرة لا تكاد تنحصر الآن عدداً، أو كلها اجتهادات استوفت الشروط، فاستفادت من الله تعالى معونة ومدداً ولا يجوز لأحد الطعن في شيء منها أبداً.
كما قال الشيخ عبدالرؤوف المناوي رحمه الله في شرح الجامع الأسيوطي : ويجب علينا أن نعتقد أن الأئمة الأربعة والسفيانين - يعني سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة - والأوزاعي، وداود الظاهري، وإسحاق بن راهويه، وسائر الأئمة على هدى، ولا التفات لمن تكلم فيه بما هم بريئون منه. انتهى.
وفي جمع الجوامع : وأن الشافعي، ومالك، وأبا حنيفة، والسفيانين، وأحمد، والأوزاعي، وإسحاق، وداود، وسائر أئمة المسلمين على هدى من ربهم.
وقال الشارح المحلي : ولا التفات لمن تكلم فيهم بما هم بريئون منه. انتهى.
قلت : فإن من اشتمل على ما يعاب به في الدين ولم يطعن فيه أحد، فلا إثم على من لم يطعن، وأما إذا لم يشتمل على شيء من ذلك، ووقع الطعن من أحد، فالإثم على الطاعن. قال تعالى :﴿ تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ﴾ وأما تقليد مذهب من مذاهبهم الآن غير المذاهب الأربعة، فلا يجوز لا لنقصان في مذاهبهم، ورجحان المذاهب الأربعة عليهم، لأن فيهم الخلفاء المفضلين على جميع الأمة، بل لعدم تدوين مذاهبهم وعدم معرفتنا الآن بشروطها وقيودها، وعدم وصول ذلك إلينا بطريق التواتر، حتى لو وصل إلينا شيء من ذلك كذلك جاز لنا تقليده، لكنه لم يصل كذلك.
وقال في الأشباه والنظائر لابن نجم الحنفي رحمه الله تعالى إنه : صرح في التحرير لابن الهمام إن الإجماع انعقد على عدم العمل بمذهب يخالف الأربعة لانضباط مذاهبهم، واشتهارها وكثرة اتباعها. انتهى.


الصفحة التالية