الأيام المعدودات أيام منى، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، يقيم الناس فيها بمنى وتسمى أيام التشريق، لأن الناس يقددون فيها اللحم، والتقديد تشريق، أو لأن الهدايا لا تنحر فيها حتى تشرق الشمس. وكانوا يعلمون أن إقامتهم بمنى بعد يوم النحر بعد طواف الإفاضة ثلاثة أيام فيعلمون أنها المراد هنا بالأيام المعدودات، ولذلك قال جمهور الفقهاء الأيام المعدودات أيام منى وهي بعد اليوم العاشر وهو قول ابن عمر ومجاهد وعطاء وقتادة والسدي والضحاك وجابر بن زيد ومالك، وهي غير المراد من الأيام المعلومات التي في قوله تعالى :﴿ويذكروا اسم الله في أيام معلومات﴾ في ﴿سورة الحج : ٢٨ ]. فالأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة، وهي اليوم العاشر ويومان بعده. والمعدودات أيام منى بعد يوم النحر، فاليوم العاشر من المعلومات لا من المعدودات، واليومان بعده من المعلومات والمعدودات، واليوم الرابع من المعدودات فقط، واحتجوا على ذلك بقوله تعالى :{ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على رزقهم من بهيمة الأنعام﴾ {الحج : ٢٨ ] لأن اليوم الرابع لا نحر فيه ولا ذَبح إجماعاً، وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن لا فرق بين الأيام المعلومات والأيام المعدودات وهي يوم النحر ويومان بعده فليس اليوم الرابع عندهما معلوماً ولا معدوداً، وعن الشافعي الأيام المعلومات من أول ذي الحجة حتى يوم النحر وما بعد ذلك معدودات، وهو رواية عن أبي حنيفة.
ودلت الآية على طلب ذكر الله تعالى في أيام رمي الجمار وهو الذكر عند الرمي وعند نحر الهدايا.
وإنما أمروا بالذكر في هذه الأيام، لأن أهل الجاهلية كانوا يشغلونها بالتفاخر ومغازلة النساء، قال العرجي :
ما نَلتقِي إلاّ ثلاثَ مِنًى... حَتَّى يُفَرِّقَ بينَنا النَّفْر
وقال عمر بن أبي ربيعة :
بَدَا لِيَ منها معصم حينَ جَمَّرَتْ... وكَفٌّ خَصيبٌ زُيَّنَتْ بِبَنَان


الصفحة التالية
Icon