وقال الثعالبى :
قوله عز وجل :﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس * مَلِكِ الناس * إله الناس * مِن شَرِّ الوسواس الخناس ﴾ :﴿ الوسواس ﴾ : اسم مِنْ أسماء الشيطانِ، وقولُه :﴿ الخناس ﴾ معناه : الرَّاجِعُ على عَقِبِهِ المُسْتَتِرُ أحياناً، فإذَا ذكر العَبْدُ اللَّه تعالى وتعوَّذ، تذكَّر فأبْصَرَ ؛ كما قال تعالى :﴿ إِنَّ الذين اتقوا إِذَا مَسَّهُمْ طَئِفٌ... ﴾ [ الأعراف : ٢٠١ ] قال النَّوَوِيُّ : قال بعضُ العلماءِ : يُسْتَحَبُّ قَول : لا إله إلا اللَّهِ لِمَنِ ابتلي بالوَسْوَسَةِ في الوضوءِ والصلاةِ وشِبْهِهِمَا ؛ فإن الشيطان إذا سمع الذِّكرَ، خَنَسَ، أي : تأخَّر وبَعُدَ، و«لا إله إلا اللَّهُ» : رَأْسُ الذِّكْرِ ؛ ولذلك اختار السَّادَةُ الجِلَّةُ مِنْ صَفْوة هذه الأمة أهْلُ تربيةِ السَّالكين وتأدِيبِ المُرِيدِينَ قَوْلَ «لا إله إلا اللَّه» لأَهْلِ الخَلْوَةِ، وأمَرُوهم بالمداومة علَيْهَا، وقالوا : أنْفَعُ علاجٍ في دَفْعِ الوسوسةِ الإقبالُ على ذِكْرِ اللَّه تعالى والإكْثَارُ منْه، وقال السَّيِّدُ الجليلُ أحْمَدُ بْنُ أبي الحوارِيِّ : شَكَوْتُ إلى أبي سُلَيْمَانَ الدَّرَانِيِّ الوَسْوَاسَ، فقال : إذا أَرَدت أَنْ ينقطعَ عَنْكَ، فَأَيَّ وَقْتٍ أحْسَسْتَ به، فافرح، فإنك إذا فَرِحْتَ به، انقطع عنك ؛ لأنه ليْسَ شيءٌ أبْغَضُ إلى الشيطانِ مِنْ سرورِ المؤمن، وإن اغتممت بِه، زَادَكَ، * ت * : وهذا مما يؤيِّد ما قاله بَعْضُ الأئمة ؛ أنَّ الوسواس إنما يبتلى به مَنْ كَمُلَ إيمانه ؛ فإن اللِّصَّ لا يقصدُ بيتاً خَرباً. انتهى، * ت * : ورأيتُ في «مختصر الطبريِّ» نَحْوَ هذا.