والسحر حق لا ينكر وقوعه ولا يجوز نفيه لوروده في القرآن ووروده أنه مما يتعلم وأنه مما يكفر فيه وأنه مما يفرق بين الناس كما سيأتي في سور كثيرة من القرآن، فلا يمكن القول بعدم حقيقة السحر ومذهب أهل السنة والجماعة على ثبوته وأن له حقيقة كغيره من الأشياء الثابتة، ولا يستنكر عقلا لأن اللّه تعالى يخرق العادة عند النطق بكلام مغلق أو تركيب أجسام أو المزج بين قوى لا يعرفها الا الساحر، فإنه لا فاعل في الحقيقة إلا اللّه القائل :(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) الآية ٩٦ من سورة الصّافات في ج ٢ فما يقع من الساحر عبارة عن عادة أجراها اللّه على يد من شاء من عباده، وأن كل ما يقع في الوجود بقضاء اللّه وقدره، والاستشفاء بالرقي والتعوذ من قضاء اللّه وقدره، يدل على هذا حديث عائشة المتقدم وحديث اسماء الذي ذكرناه آخر سورة القلم المارة وفيه بحث نفيس فراجعه، وما رواه الترمذي عن أبي خزامة عن أبيه قال : سألت رسول اللّه فقلت يا رسول اللّه أرأيت رقيا نسترقي بها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها، هل ترد من قدر اللّه شيئا ؟
قال هي من قدر اللّه.
وقال عمر نفر من قدر اللّه إلى قدر اللّه، وزعم بعض المبتدعة أن ما جاء في حديث عائشة المتفق عليه الذي رواه البخاري ومسلم من أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم سحر حتى كان يخيل اليه أنه يضع الشيء ولم يضعه إلخ.