وقال ابن كثير :
سورة الناس
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) ﴾
هذه ثلاث صفات من صفات الرب، عز وجل ؛ الربوبية، والملك، والإلهية : فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه، فجميع الأشياء مخلوقة له، مملوكة عبيد له، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات، من شر الوسواس الخناس، وهو الشيطان الموكل بالإنسان، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يُزَين له الفواحش، ولا يألوه جهدًا في الخبال. والمعصوم من عَصَم الله، وقد ثبت في الصحيح أنه :"ما منكم من أحد إلا قد وُكِل به قرينة". قالوا : وأنت يا رسول الله ؟ قال :"نعم، إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير" (١) وثبت في الصحيح، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي ﷺ وهو معتكف، وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله ﷺ أسرعا، فقال رسول الله :"على رسلكما، إنها صفية بنت حُيي". فقالا سبحان الله، يا رسول الله. فقال :"إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا، أو قال : شرًا" (٢).
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا محمد بن بحر، حدثنا عدي بن أبي عمَارة، حدثنا زيادًا النّميري، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ﷺ :"إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر خَنَس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس" (٣) غريب.

(١) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٨١٤) من حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه.
(٢) صحيح مسلم برقم (٢١٧٤) هو في صحيح البخاري برقم (٢٠٣٥، ٦٢١٩، ٧١٧١) من حديث صفية، رضي الله عنها.
(٣) مسند أبي يعلى (٧/٢٧٨، ٢٧٩) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٨/٧٤٢) :"إسناده ضعيف" ؛ وذلك لضعف زياد النميري والكلام في عدي بن أبي عمارة.


الصفحة التالية
Icon