ومعنى الربوبية يدل عليه، وبالثاني الشبان ولفظ الملك المنبىء عن السياسة يدل عليه، وبالثالث الشيوخ ولفظ الإله المنبىء عن العبادة يدل عليه، وبالرابع الصالحين إذ الشيطان مولع بإغوائهم، وبالخامس المفسدين لعطفه على المعوذ منه ﴿ مِن شَرّ الوسواس ﴾ هو اسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة، وأما المصدر فوسواس بالكسر كالزلزال والمراد به الشيطان سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه لأنها شغله الذي هو عاكف عليه، أو أريد ذو الوسواس والوسوسة الصوت الخفي ﴿ الخناس ﴾ الذي عادته أن يخنس منسوب إلى الخنوس وهو التأخر كالعواج والبتات لما روي عن سعيد بن جبير إذا ذكر الإنسان ربه خنس الشيطان وولى، وإذا غفل رجع ووسوس إليه ﴿ الذى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ الناس ﴾ في محل الجر على الصفة، أو الرفع، أو النصب على الشتم، وعلى هذين الوجهين يحسن الوقف على الخناس ﴿ مِنَ الجنة والناس ﴾ بيان للذي يوسوس على أن الشيطان ضربان : جني وإنسي كما قال ﴿ شياطين الإنس والجن ﴾ [ الأنعام : ١١٢ ] وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شيطان الإنس؟ روي أنه عليه السلام سحر فمرض فجاءه ملكان وهو نائم فقال أحدهما لصاحبه : ما باله.
فقال : طُبّ.
قال : ومن طبه؟ قال : لبيد بن أعصم اليهودي.
قال : وبم طبه؟ قال : بمشط ومشاطة في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذي أروان.
فانتبه ﷺ فبعث زبيراً وعلياً وعماراً رضي الله عنهم فنزحوا ماء البئر وأخرجوا الجف، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه، وإذا فيه وتر معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر، فنزلت هاتان السورتان، فكلما قرأ جبريل آية انحلت عقدة حتى قام ﷺ عند انحلال العقدة الأخيرة كأنما نشط من عقال وجعل جبريل يقول : باسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك.