ثم علل ذلك سبحانه وتعالى بقوله :﴿إنه لكم عدو مبين﴾ أي بما أخبرناكم به في أمر أبيكم آدم عليه الصلاة والسلام وغير ذلك مما شواهده ظاهرة، وما أحسن هذا الختم المضاد لختم التي قبلها! فإن تذكر الرأفة منه سبحانه على عظمته والعبودية منا الذي هو معنى الولاية التي روحها الانقياد لكل ما يحبه الولي وتذكر عداوة المضل أعظم منفر منه وداع إلى الله سبحانه وتعالى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٨٦﴾
قال ابن عاشور :
قوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾
استئناف على طريقة الاعتراض انتهازاً للفرصة بالدعوة إلى الدخول في السلم، ومناسبة ذكره عقب ما قبله أن الآيات السابقة اشتملت على تقسيم الناس تجاه الدين مراتب، أعلاها ﴿من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله﴾ ﴿البقرة : ٢٠٧ ] لأن النفس أغلى ما يبذل، وأقلها {من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام﴾ {البقرة : ٢٠٤ ] أي يضمر الكيد ويفسد على الناس ما فيه نفع الجميع وهو خيرات الأرض، وذلك يشتمل على أنه اعتدى على قوم مسالمين فناسب بعد ذلك أن يدعى الناس إلى الدخول فيما يطلق عليه اسم السلم وهذه المناسبة تقوى وتضعف بحسب تعدد الاحتمالات في معنى طلب الدخول في السلم.
ثم قال العلامة ابن عاشور :


الصفحة التالية
Icon