الصفة الثانية : قوله :﴿وَيُشْهِدُ الله على مَا فِى قَلْبِهِ﴾ فالمعنى أنه يقرر صدقة في كلامه ودعواه بالاستشهاد بالله، ثم يحتمل أن يكون ذلك الاستشهاد بالحلف واليمين، ويحتمل أن يكون ذلك بأن يقول : الله يشهد بأن الأمر كما قلت، فهذا يكون استشهاداً بالله ولا يكون يميناً، وعامة القراء يقرؤن ﴿وَيُشْهِدُ الله﴾ بضم الياء، أي هذا القائل يشهد الله على ما في ضميره، وقرأ ابن محيصن ﴿يَشْهَدُ الله على مَا فِى قَلْبِهِ﴾ بفتح الياء، والمعنى : أن الله يعلم من قلبه خلاف ما أظهره.
فالقراءة الأولى : تدل على كونه مرائياً وعلى أنه يشهد الله باطلاً على نفاقه وريائه.
وأما القراءة الثانية : فلا تدل إلا على كونه كاذباً، فأما على كونه مستشهداً بالله على سبيل الكذب فلا، فعلى هذا القراءة الأولى أدلى على الذم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٦٩﴾
قال ابن عاشور :
ومعنى ﴿يشهد الله على ما في قلبه﴾ أنه يقرن حسن قوله وظاهر تودده بإشهاد الله تعالى على أن ما في قلبه مطابق لما في لفظه، ومعنى إشهاد الله حلفه بأن الله يعلم إنه لصادق.
وإنما أفاد ما في قلبه معنى المطابقة لقوله لأنه لما أشهد الله حين قال كلاماً حلواً تعين أن يكون مدعياً أن قلبه كلسانه قال تعالى :﴿يحلفون بالله لكم ليرضونكم﴾ ﴿التوبة : ٦٢ ]. أ هـ {التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٦٧﴾
فائدة لغوية
الظرف من قوله ﴿في الحياة الدنيا﴾ يجوز أن يتعلق بيعجبك فيراد بهذا الفريق من الناس المنافقون الذين يظهرون كلمة الإسلام والرغبة فيه على حد قوله تعالى :﴿وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا﴾ ﴿البقرة : ١٤ ] أي إعجابك بقولهم لا يتجاوز الحصول في الحياة الدنيا فإنك في الآخرة تجدهم بحالة لا تعجبك فهو تمهيد لقوله في آخر الآية {فحسبه جهنم﴾ والظرفية المستفادة من ( في ) ظرفيةٌ حقيقية.