قلنا : هذا إنما يلزم لو كان الأمر بالشيء أمراً بما لا يتم إلا به، وهذا عندنا ممنوع فإن قالوا : لو لم يكن كذلك لزم تكليف ما لا يطاق، قلنا هذا عندنا جائز والله أعلم.
يحكى أن قارئاً قرأ ﴿غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ فسمعه أعرابي فأنكره، وقال إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٨٠﴾
وقريب من هذا ما ذكر الطيبي عن الأصمعي قال كنت أقرأ : والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله والله غفور رحيم، وبجنبي أعرابي فقال كلامُ مَنْ هذا ؟ قلت كلامُ الله، قال : ليس هذا كلامُ الله فانتبهتُ فقرأت ﴿والله عزيز حكيم﴾ ﴿المائدة : ٣٨ ] فقال أصبتَ هذا كلام الله فقلت أتقرأ القرآن ؟ قال لا قلتُ من أين علمت ؟ قال يا هذا عَزَّ فَحَكَم فقطعَ ولو غَفر ورَحم لَمَا قَطَع. أ هـ {التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٨١﴾
فائدة
قال القرطبى :
وفي الآية دليل على أن عقوبة العالم بالذنب أعظم من عقوبة الجاهل به، ومن لم تبلغه دعوة الإسلام لا يكون كافراً بترك الشرائع. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٢٤﴾
من فوائد ابن عرفة فى الآية
قوله تعالى :﴿فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ البينات﴾.
فيه سؤالان الأول أن قبلها ﴿ادخلوا فِي السِّلْمِ﴾ والأمر بالدخول يقتضي أنّهم غير مسلمين وقول الله تعالى :" فَإِن زَلَلْتُمْ " يقتضى أنَّهم مسلمون ثم زلوا بعد ذلك قال الله تعالى :﴿فَأَزَلَّهُمَا الشيطان عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ وأجيب بأنّه مثل :﴿الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور﴾ لأن الكفار لما كانوا متمكنين من الإيمان فكأنهم حصل لهم الإيمان بالفعل.


الصفحة التالية
Icon