فنْمشِي حالُ من فاعل " خَرَجْتُ "، ومِنْ " هَا " في " بِهَا " ؛ لأنَّك لو قلتَ :" أنا وهي نمشي " لصَحَّ، ولذلك أَعْرَب المُعْرِبُونَ " نَمْشِي " حَالاً مِنْهُما، كما تَقَدَّم، و" تَجُرُّ " حالاً مِنْ " هَا " في " بِهَا "، فقط ؛ لأنه لا يصلُحُ أن تجعل " تَجُرُّ " خبراً عنهما، لو قلتَ :" أنا وهي تَجرُّ " لم يَصِحَّ ؛ فكذلك يتقدَّر بمفردٍ وهو " جارَّة " وأنت لو أَخْبَرْتَ به عن اثْنين، لم يَصِحَّ ؛ فكذلك " تَحْمِلُهُ " لا يَصْلُح أَنْ يكون خَبَراً عن اثنين، فلا يَصِحُّ أَنْ يكونَ حالاً منهما، وأمَّا " كَافّة " فإنها بمعنى " جَمِيع "، و" جمِيع " يَصِحُّ فيها ذلك، لا يُقالُ :" كَافَّة " لا يَصحُّ وقوعُها خَبَراً، لو قلتَ :" الزَّيْدُونَ وَالْعَمْرُونَ كَافَّةً " لم يجزْ، فلذلك لا تقعُ حالاً ؛ لا مِنْ مانع معنوي، بدليلِ أنَّ مرادِفَها وهو " جَمِيع " و" كُلّ " يُخْبَرُ به، فالعارِضُ المانِعُ لـ " كافَّة " من التصرُّفِ لا يَضُرُّ، وقولُه :" الجماعةُ الَّتِي تَكُفُّ مخالِيفها " يعني : أَنَّها في الأصْلِ كذلك، ثم صار اسْتِعْمالُها بمعنى جَمِيع وكُلّ ".
واعْلَمْ أنَّ أَصْلَ " كافة " اسمُ فاعلٍ مِنْ كَفَّ يَكُفُّ، أي : مَنَع، ومنه " كَفُّ الإِنسان " ؛ لأنها تَمْنَعُ ما يقتضيه، و" كِفّة المِيزَانِ " لجمعها الموزون، ويقالُ : كَفَفْتُ فُلاَناً عن السُّوء، أي : منعتُه، ورجل مَكْفُوفٌ، أي : كُفَّ بَصَرُهُ مِنْ أَنْيبصر، وَالكُفَّةُ - بالضَّمِّ - لكل مستطيلٍ، وبالكَسْرِ، لكلِّ مُسْتدِير.
وقيل :" كافة " مصدرٌ كالعاقبة والعافية.
وكافة وقاطبة مِمَّا لَزم نصبُها على الحالِ، فإخراجُهما عن ذلك لَحْنٌ.
قوله تعالى :" فَإِنْ زَلَلْتُمْ " الجمهور على " زَلَلْتُمْ " : بفتح العين، وأبو السَّمَّال قرأها بالكسر، فهما لغتان ؛ كضلَلت، وضلِلت.