( والجواب ) عن ذلك أن النظر هنا بمعنى الانتظار ومعناه أن ( حالاتهم ) تقتضي انتظارهم العقوبة ( لا أنهم ) يقصدون ذلك وفي هذا عقوبتان ( حسية ) ومعنوية لأن وجود السحاب مظنة الرّحمة بالمطر قال الله تعالى :﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هذا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ﴾ وقال الله جل ذكره ﴿والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمئان مَآءً حتى إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً﴾ ففيه العقوبة ( بالخيبة ) فيما يظن فيه قبل الغرض فلا تناله العقوبة بنقيض المقصود وهو إتيان العذاب معه. أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٦٠٣ ـ ٦٠٤﴾
سؤال : فإن قيل : كيف قال :﴿وإلى الله ترجع الأمور﴾ وهو يدل على أنها كانت إلى غيره، كقولهم : رجع إلى فلان عبده ومنصبه ؟
قلنا : هو خطاب لمن كان يعبد غير الله، وينسب أفعاله إلى سواه.
فأخبرهم أنهم إذا كشف لهم الغطاء يوم القيامة ردوا إليه ما أضافوه إلى غيره بسبب كفرهم وجهلهم، ولأن رجع يستعمل بمعنى ﴿صار﴾ و﴿وصل﴾ كقولهم : رجع على من فلان مكروه. ومنه قول لبيد :
وما المرء إلا كالشهاب وضوءه
يحور رمادا بعد إذ هو ساطع
ولأنها كانت إليه قبل خلق عبيده، فلما خلقهم ملكهم بعضها خلافة ونيابة، ثم رجعت إليه بعد هلاكهم.
ومنه قوله تعالى ﴿لمن الملك اليوم﴾ وقوله ﴿الملك يومئذ الحق للرحمن﴾ وإنما قال :﴿وإلى الله ترجع الأمور﴾، ولم يقل : وإليه، وإن كان قد سبق ذكره مرة لقصد التفخيم والتعظيم، وذلك ينافى الإيجاز والاختصار. أ هـ ﴿تفسير الرازى صـ ٣٩﴾.
وقال الخازن :
إن أمور جميع العباد ترجع إليه في الدنيا والآخرة، ولكن المراد من هذا إعلام الخلق إنه المجازي على الأعمال بالثواب والعقاب. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ١٩٨ ـ ١٩٩﴾


الصفحة التالية
Icon