فَالْجَوَابُ : أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْكَفِّ عَنْهُ وَعِصْمَتِهِ، فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِالظَّاهِرِ مِنْهُ فِي حَالَتِهِ، كَمَا قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ :﴿ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا ﴾.
وَأَمَّا فِي [ حَدِيثِ ] حَقِّ ثُبُوتِ الْمَنْزِلَةِ بِإِمْضَاءِ قَوْلِهِ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يُكْتَفَى بِظَاهِرِهِ حَتَّى يَقَعَ الْبَحْثُ عَنْهُ، وَيُخْتَبَرُ فِي تَقَلُّبَاتِهِ وَأَحْوَالِهِ.
جَوَابٌ آخَرُ : وَذَلِكَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ كَانَ إسْلَامُهُمْ سَلَامَتَهُمْ ؛ فَأَمَّا وَقَدْ عَمَّ النَّاسَ الْفَسَادُ فَلَا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾ : يَعْنِي : ذَا جِدَالٍ إذَا كَلَّمَك وَرَاجَعَك رَأَيْت لِكَلَامِهِ طَلَاوَةً وَبَاطِنُهُ بَاطِلٌ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِدَالَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِمَا ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ سَوَاءٌ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ ﴾. أ هـ ﴿أحكام القرآن لابن العربى حـ ١ صـ ٢٠١ ـ ٢٠٢﴾