وهو مذهب سلف الأمة وأئمتها : إنهم يصفونه سبحانه بما وصف به نفسه وصفه به رسوله ﷺ من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. والقول في صفاته كالقول في ذاته. والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله. فلو سأل سائل : كيف يجيء سبحانه أو كيف يأتي.. ؟ فليقل له : كيف هو في نفسه ؟ فإذا قال : لا أعلم كيفية ذاته ! فليقل له : وكذلك لا تعلم كيفية صفاته.. ! فإن العلم بكيفية الصفة يتبع من العلم بكيفية الموصوف. وقد أطلق غير واحدٍ، ممن حكى إجماع السلف، منهم الخطابي : مذهب السلف أن صفاته تعالى تجري على ظاهرها مع نفي الكيفية والتشبيه عنها. وبعض الناس يقول : مذهب السلف إن الظاهر غير مراد. ويقول : أجمعنا على أن الظاهر غير مراد. وهذه العبارة خطأ إمّا لفظاً ومعنى، أو لفظاً لا معنى ؛ لأن لفظ الظاهر فيه إجمال واشتراك. فإن كان القائل يعتقد أن ظاهرها التمثيل بصفات المخلوقين أو ما هو من خصائصهم، فلا ريب أن هذا غير مراد ؛ ولكن السلف والأئمة لم يكونوا يسمون هذا ظاهرها ؛ فهذا القائل أخطأ حيث ظن أن هذا المعنى الفاسد ظاهر اللفظ، حتى جعله محتاجاً إلى تأويل، وحيث حكى عن السلف ما لم يريدوه. وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها. والظاهر هو المراد في الجميع، فإن الله لما أخبر أنه بكل شيء عليم، وأنه على كل شيء قدير، واتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا على ظاهره، أن ظاهر ذلك مراد - كان من المعلوم أنهم لم يريدوا بهذا الظاهر أن يكون علمه كعلمنا وقدرته كقدرتنا.