قوله تعالى ﴿والله لا يحب الفساد﴾
قال الثعالبى :
﴿ لاَ يُحِبُّ الفساد﴾ معناه : لا يحبُّه من أهل الصَّلاح، أو لا يحبُّه دِيناً، وإِلا فلا يقع إِلاَّ ما يحبُّ اللَّه وقوعه، والفسادُ : واقعٌ، وهذا على ما ذهب إِليه المتكلِّمون من أنَّ الحُبَّ بمعنى الإِرادة.
والحُبُّ له على الإِرادة مزيَّة إِيثارٍ ؛ إِذ الحبُّ من اللَّه تعالى إِنما هو لما حَسُنَ من جميع جهاته. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ١ صـ ١٦١﴾
وقال ابن عاشور :
عقب بجملة التذييل وهي ﴿والله لا يحب الفساد﴾ تحذيراً وتوبيخاً.
ومعنى نفي المحبة نفي الرضا بالفساد، وإلاّ فالمحبة وهي انفعال النفس وتوجه طبيعي يحصل نحو استحسان ناشىء مستحيلة على الله تعالى فلا يصح نفيها فالمراد لازمها وهو الرضا عندنا وعند المعتزلة : الإرادة والمسألة مبنية على مسألة خلق الأفعال.
ولا شك أن القدير إذا لم يرض بشيء يعاقب فاعله، إذ لا يعوقه عن ذلك عائق وقد سمى الله ذلك فساداً وإن كان الزرع والحرث للمشركين : لأن إتلاف خيرات الأرض رزء على الناس كلهم وإنما يكون القتال بإتلاف الأشياء التي هي آلات الإتلاف وأسباب الاعتداء.


الصفحة التالية
Icon