قوله :﴿ وَلَبِئْسَ المهاد ﴾ المخصُوص بالذَّمِّ محذوفٌ، أي : وَلَبِئْسَ المِهادُ جَهَنَّمُ، وحَسَّنَ حَذْفَهُ هنا كونُ " المِهَادِ " وقعَ فاصِلةً.
وتقدَّمَ الكلامُ على " بِئْسَ " وحُذِفَ هذا المخصُوصُ بذلك على أنه مبتدأٌ، والجملةُ مِنْ نِعْمَ وبِئْسَ خبرُهُ، سواءٌ تقدَّمَ أو تأخَّرَ ؛ لأنَّا لو جَعَلْنَاهُ خبرَ مبتدأ مَحْذُوفٍ، أو مُبتَدأٌ محذوفَ الخبرِ، ثم حذَفْنَاهُ، كُنَّا قد حَذَفْنَا الجملةَ بأَسْرها من غَيْرَ أنْ يَنُوبَ عنها شَيْءٌ، وأيضاً فإنَّه يَلْزَمُ مِنْ ذلك أَنْ تكونَ الجملةُ مُفْلَتَةً مِمَّا قبلها ؛ إِذْ ليس لها مَوْضِعٌ من الإِعْرابِ، وليست مُعْترضةً، ولا مفسِّرةً، ولا صلةً.
والمِهَادُ فيه قولان :
أحدهما : أَنَّهُ جَمْعُ " مَهْدٍ "، وهو ما يُوطَّأُ للنوم قال تعالى :﴿ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الماهدون ﴾ [ الذاريات : ٤٨ ].
والثاني : أنه اسمٌ مُفْردٌ، سُمِّيَ به الفِرَاشُ المُوَطَّأُ للنَّوم وقِيل :" المُسْتَقِر " كقوله تعالى :﴿ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ القرار ﴾ [ إبراهيم : ٢٩ ] وهذا مِنْ باب التَّهَكم والاستهزاءِ، أي : جُعِلَتْ جَهَنَّمُ لهم بَدَلَ مِهادٍ يَفْترشُونَهُ ؛ وهو كقوله :[ الوافر ]
١٠١٨ - وَخَيْلٍ قَدْ دَلَفْتُ لَهَا بِخَيْلٍ...
تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ
أي : القائمُ لهم مقامَ التحيةِ، الضربُ الوَجِيع. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٣ صـ ٤٤٤ ـ ٤٦٧﴾. باختصار.