وسادسها : قوله عليه السلام :" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه " دل الحديث على أن المولود لو ترك مع فطرته الأصلية لما كان على شيء من الأديان الباطلة، وأنه إنما يقدم على الدين الباطل لأسباب خارجية، وهي سعي الأبوين في ذلك وحصول الأغراض الفاسدة من البغي والحسد وسابعها : أن الله تعالى لما قال :
﴿ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بلى﴾ ﴿الأعراف : ١٧٢ ] فذلك اليوم كانوا أمة واحدة على الدين الحق، وهذا القول مروي عن أبي بن كعب وجماعة من المفسرين، إلا أن للمتكلمين في هذه القصة أبحاثاً كثيرة، ولا حاجة بنا في نصرة هذا القول بعد تلك الوجوه الستة التي ذكرناها إلى هذا الوجه، فهذا جملة الكلام في تقرير هذا القول.
أما الوجه الثاني : هو أن الناس كانوا أمة واحدة في الدين الباطل، فهذا قول طائفة من المفسرين كالحسن وعطاء وابن عباس، واحتجوا بالآية والخبر أما الآية فقوله :{فَبَعَثَ الله النبيين مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ وهو لا يليق إلا بذلك، وأما الخبر فما روي عن النبي عليه السلام :" أن الله تعالى نظر إلى أهل الأرض عربهم وعجمهم فبعثهم إلا بقايا من أهل الكتاب ".
وجوابه : ما بينا أن هذا لا يليق إلا بضده، وذلك لأن عند الاختلاف لما وجبت البعثة.