و( النبيئين ) جمع نبيء وهو فعيل بمعنى مفعول مشتق من النبأ وهو الخبر المهم، لأن الله أخبره بالوحي وعلم ما فيه صلاح نفسه وصلاح من ينتسب إليه، فإن أمره بتبليغ شريعة الأمة فهو رسول فكل رسول نبيء، والقرآن يذكر في الغالب النبي مراداً به الرسول، وقد ورد أن عدد الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً لا يعلم تفصيلهم وأزمانهم إلاّ الله تعالى قال تعالى :﴿وقروناً بين ذلك كثيراً﴾ ﴿الفرقان : ٣٨ ] وقال :{وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح﴾ ﴿الإسراء : ١٧ ]. وعدد الرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر.
والمراد بالنبيين هنا خصوص الرسل منهم بقرينة قوله {بعث﴾ وبقرينة الحال في قوله :﴿مبشرين ومنذرين﴾، لأن البشارة والإنذار من خصائص الرسالة والدعوة وبقرينة ما يأتي من قوله :﴿وأنزل معهم الكتاب بالحق﴾ الآية. فالتعريف في ( النبيين ) للاستغراق وهو الاستغراق الملقب بالعرفي في اصطلاح أهل المعاني.
والبشارة : الإعلام بخير حصل أو سيحصل، والنذارة بكسر النون الإعلام بشر وضر حصل أو سيحصل، وذلك هو الوعد والوعيد الذي تشتمل عليه الشرائع.
فالرسل هم الذين جاءوا بالوعد والوعيد، وأما الأنبياء غير الرسل فإن وظيفتهم هي ظهور صلاحهم بين قومهم حتى يكونوا قدوة لهم، وإرشاد أهلهم وذويهم ومريديهم للاستقامة من دون دعوة حتى يكون بين قومهم رجال صالحون، وإرشاد من يسترشدهم من قومهم، وتعليم من يرونه أهلاً لعلم الخير من الأمة.
ثم هم قد يجيئون مؤيدين لشريعة مضت كمجيء إسحاق ويعقوب والأسباط لتأييد شريعة إبراهيم عليه السلام، ومجيء أنبياء بني إسرائيل بعد موسى لتأييد التوراة، وقد لا يكون لهم تعلق بشرع من قبلهم كمجيء خالد بن سنان العَبْسي نبيئاً في عَبْس من العرب.