وقوله :﴿فإن الله شديد العقاب﴾ دليل جواب الشرط وهو علته، لأن جعل هذا الحكم العام جواباً للشرط يعلم منه أن من ثبت له فعل الشرط يدخل في عموم هذا الجواب، فكون الله شديد العقاب أمر محقق معلوم فذِكره لم يقصد منه الفائدة لأنها معلومة بل التهديد، فعلم أن المقصود تهديد المبدِّل فدل على معنى : فالله يعاقبه، لأن الله شديد العقاب، ومعنى شدة عقابه : أنه لا يفلت الجاني وذلك لأنه القادر على العقاب، وقد جُوّز أن يكون فإن الله شديد العقاب نفسَ جواب الشرط بجعل أل في العقاب عوضاً عن الضمير المضاف إليه أي شديدُ معاقبِته.
وإظهار اسم الجلالة هنا مع أن مقتضى الظاهر أن يقال : فإنه شديد العقاب، لإدخال الرَّوْع في ضمير السامع وتربية المهابة، ولتكون هذه الجملة كالكلام الجامع مستقلاً بنفسه، لأنها بمنزلة المثل أمر قد علمه الناس من قبل، والعقاب هو الجزاء المؤلم عن جناية وجرم، سمي عقاباً لأنه يعقب الجناية. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٩٣﴾
فائدة
قال أبو حيان :
ذكر بعض من جمع في التفسير : أن هذه الآية :﴿سل بني إسرائيل﴾ مؤخرة في التلاوة، مقدمة في المعنى، والخطاب للنبي ـ ﷺ ـ، قال : والتقدير : فإن زللتم إلى آخر الآية : سل يا محمد بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة فما اعتبروا ولا أذعنوا إليها، هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله ؟ أي : أنهم لا يؤمنون حتى يأتيهم الله. انتهى.