ألم يفلق لهم البحر ؟. ألم يجعل عصا موسى حية ؟ ألم يظللهم الله بالغمام ؟ ألم يعطهم الله المن والسلوى ؟ كل ذلك أعطاه الله لهم ؛ فلم يشكروا نعمة الله، فحل عليهم غضبه ؛ أخذهم بالسنين والجوع وأخذهم بالقمل والضفادع والدم، كل ذلك فعله الله معهم.. وحين يقول الحق لرسوله :" سل بني إسرائيل" فالقول منسحب على أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا جاءك واحد منهم فاسأله : كم آية أعطاها الله لكم فأنكرتموها، وتلكأتم. وتعنتم. " كم آتيناهم من آية بينة" إن " كم" تدل على الكمية الكبيرة، و" من آية" : معناها الأمر العجيب. و" بينة" تعني الأمر الواضح الذي لا يمكن أن يغفل عنه أحد.
" سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة، ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب". وكيف يبدل الإنسان نعمة الله ؟. إن نعمة الله حين تصيب خلقاً فالواجب عليهم أن يستقبلوها بالشكران، ومعنى الشكران هو نسبتها إلى واهبها والاستحياء أن يعصوا من أنعم عليهم بها. فإذا استقبل الناس النعمة بغير ذلك فقد بدلت. ولذلك يقول الحق في آية أخرى :" ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً" وماداموا قد بدلوها كفراً، فيكون الكفر هو الذي جاء مكان الإيمان. إذن كان المطلوب أن يقابلوا النعمة بالإيمان، بالازدياد في التقرب إلى الله، لكنهم بدلوا النعمة بالكفر.


الصفحة التالية