وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ النَّفَقَةَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ، وَالْأَقْرَبِينَ إذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ غَنِيًّا ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ قُلْ الْعَفْوَ ﴾ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِيمَا يَفْضُلُ ؛ فَإِذَا كَانَ هُوَ وَعِيَالُهُ مُحْتَاجِينَ لَا يَفْضُلُ عَنْهُمْ شَيْءٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ.
وَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى مَعَانٍ : مِنْهَا أَنَّ الْقَلِيلَ، وَالْكَثِيرَ مِنْ النَّفَقَةِ يَسْتَحِقُّ بِهِ الثَّوَابَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إذَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ ؛ وَيَنْتَظِمُ ذَلِكَ الصَّدَقَاتِ مِنْ النَّوَافِلِ وَالْفُرُوضِ.
وَمِنْهَا أَنَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ، أَوْلَى بِذَلِكَ، بِقَوْلِهِ :﴿ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ مَعَ بَيَانِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمُرَادِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ :﴿ ابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ : أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ وَأَدْنَاكَ فَأَدْنَاك ﴾ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ، وَالْأَقْرَبِينَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ : فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ نَفَقَةُ الْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَجَمِيعِ مَنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ.
قِيلَ لَهُ : قَدْ اقْتَضَى ظَاهِرُهَا ذَلِكَ، وَخَصَّصْنَا بَعْضَهَا مِنْ النَّفَقَةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّهَا الْأَقَارِبُ بِدَلَالَةٍ، وَهُمْ دَاخِلُونَ فِي الزَّكَاةِ وَالتَّطَوُّعِ.


الصفحة التالية
Icon