" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥)
قد تقدَّم أنَّ " ماذا " له استعمالات ستَّةٌ عند قوله :﴿ مَاذَآ أَرَادَ الله بهذا مَثَلاً ﴾ [ البقرة : ٢٦ ].
وهنا يجوز أن تكون " ماذا " بمنزلة اسمٍ واحدٍ، بمعنى الاستفهام ؛ فتكون مفعولاً مقدَّماً لـ " يُنْفِقُونَ " ؛ لأنَّ العرب يقولون :" عماذا تَسْأَلُ " بإثبات الألف، وحذفوها من قولهم :﴿ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ ﴾ [ النبأ : ١ ] وقوله ﴿ فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا ﴾ [ النازعات : ٤٣ ] فلما لم يحذفون الألف من آخر " مَا "، علمت أنه مع " ذا " بمنزلة اسم واحدٍ، ولم يحذفون الألف منه، لمَّا لم يكن آخر الاسم، والحذف يلحقها إذا كان آخراً، إلاَّ أن يكون في شعر ؛ كقوله :[ الوافر ]
١٠٤٥ - عَلَى مَا قَامَ يَشْتَمُنِي لَئِيمٌ...
كَخنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رمَادِ
قال القرطبي : إن خفَّفت الهمزة، قلت : يسلونك، ومنه : ما " يُنْفِقُون " ويجوز أن تكون " ما " مبتدأ و" ذا " خبره، وهو موصولٌ.
و" ينفقون " صلته، والعائد محذوفٌ، و" ماذا " معلِّق للسؤال، فهو في موضع المفعول الثاني، وقد تقدَّم تحقيقه في قوله :﴿ سَلْ بني إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم ﴾ [ البقرة : ٢١١ ].
قال القرطبي : متى كانت اسماً مركابً، فهي في موضع نصب إلاَّ ما جاء في قول الشاعر :[ الطويل ]
١٠٤٦ - وَمَاذَا عَسَى الوَاشُونَ أَنْ يَتَحَدَّثُوا...
سِوَى أَنْ يَقُولُوا : إِنَّنِي لَكِ عَاشِقُ
فإِنَّ " عَسَى " لا تعمل فيه، ف " ماذا " في موضع رفعٍ، وهو مركَّبٌ ؛ إذ لا صلة لـ " ذا ".