وجملة ﴿وعسى﴾ معطوفة على جملة ﴿كتب عليكم القتال﴾، وجملة ﴿وهو خير لكم﴾ : حالية من ﴿شيئاً﴾ على الصحيح من مجيء الحال من النكرة، وهذا الكلام تلطف من الله تعالى لرسوله والمؤمنين، وإن كان سبحانه غنياً عن البيان والتعليل، لأنه يأمر فيُطاع، ولكن في بيان الحكمة تخفيفاً من مشقة التكليف، وفيه تعويد المسلمين بتلقي الشريعة معللة مذللة فأشار إلى أن حكمة التكليف تعتمد المصالح ودرء المفاسد، ولا تعتمد ملاءمة الطبع ومنافرته، إذ يكره الطبع شيئاً وفيه نفعه وقد يحب شيئاً وفيه هلاكه، وذلك باعتبار العواقب والغايات، فإن الشيء قد يكون لذيذاً ملائماً ولكن ارتكابه يفضي إلى الهلاك، وقد يكون كريهاً منافراً وفي ارتكابه صلاح. وشأن جمهور الناس الغفلة عن العاقبة والغاية أو جهلهما، فكانت الشرائع وحملتها من العلماء والحكماء تحرض الناس على الأفعال والتروك باعتبار العواقب والغايات. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٢١﴾