قال ابن عرفة : الآية تدل على أن جميع الأحكام الشرعية تعلل، وذلك أنهم اختلفوا في التعبدات فذهب جماعة منهم الشيخ الهمام عز الدين ابن عبد السلام إلى أنّها الأحكام ( التي لاتدرك لها علة، وفي بعض كلام ابن رشد وكلام المتقدمين ما يدل على أنها الأحكام ) التي لا علة لها، والآية تقتضي أنّ الأحكام كلّها لاتكون إلا لمصلحة لأنّها خرجت مخرج ( التّبيين ) على كمال المبادرة إلى امتثال الأحكام الشرعية فدل على أن المراد والله أعلم ما في ذلك من المصلحة وَأنتُمْ لاَ تَعْلَمونها.
فعليكم أن تأخذوها بالقبول.
وقوله : وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ : قال ابن عرفة : يصح أن يكون في موضع الحال.
قيل له : علمنا حادث لا يُجامع علم الله القديم ؟
فقال : هي حال مقدرة والتحقيق أنّا إن جعلنا الجملة في موضع الحال تكون سالبة تقتضي وجود الموضوع، وبقي في الآية أنّ الزمخشري قال في ﴿وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾ إما مصدر من الكراهة أو أنه بمعنى بمعنى المكروه مثل ( الخبز ) بمعنى ( المخبوز ).
وقرىء :" كَرْهٌ " بالفتح على أنه بمعنى ( المضموم ) كالضعف والضعف.
قال ابن عرفة : وقال القاضي أبو الفضل عياض في تنبيهاته : الوضوء بالضم هو الفعل وبالفتح اسم الماء، وقيل : بالعكس. قال : فيجيء هنا كذلك.
قيل لابن عرفة : هذا قياس في اللّغة فلا يجوز ؟ فقال : إنما هو ( إجراء ) لا قياس. أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ٢ صـ ٦١٥ ـ ٦١٩﴾
لطيفة
قال ذو النون المصرى رحمه الله إنما دخل الفساد على الخلق من ستة أشياء. الأول ضعف النية بعمل الآخرة. والثانى صارت أبدانهم رهينة لشهواتهم. والثالث غلب عليهم حلول الأمل مع قرب الأجل. والرابع آثروا رضى المخلوقين على رضى الخالق. والخامس اتبعوا أهواءهم ونبذوا سنة نبيهم وراء ظهورهم. والسادس جعلوا قليل زلات السلف حجة أنفسهم ودفنوا كثير مناقبهم.