وقد يكون الشيء مكروها وهو غير شاق، وقد يكون شاقا ولكن غير مكروه. والحق يقول :" كتب عليكم القتال وهو كُره لكم". ولنلاحظ أن الحق دائما حينما يشرع فهو يقول :" كُتب" ولا يقول :" كَتبت" ذلك حتى نفهم أن الله لن يشرع إلا لمن آمن به ؛ فهو سبحانه لم يكتب على الكافرين أي تكاليف، وهل يكون من المنطقي أن يكلف الله من آمن به ويترك الكافر بلا تكليف ؟ نعم، إنه أمر منطقي ؛ لأن التكليف خير، وقد ينظر بعض الناس إلى التكليف من زاوية أنه مقيد، نقول لهم : لو كان التكليف الإيماني يقيد لكلف الله به الكافر، ولكن الله لا يكلف إلا من يحبه، إنه سبحانه لا يأمر إلا بالخير، ثم إن الله لا يكلف إلا من آمن به ؛ لأن العبد المؤمن مع ربه في عقد الإيمان.
إذن فالله حين يقول :" كُتب" فمعنى ذلك أنه سبحانه يقصد أنه لم يقتحم على أحد حركة اختياره الموهوبة له، والله سبحانه وتعالى قد ترك للناس حرية الاختيار في أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا. ومن آمن عن اختيار وطواعية فقد دخل مع الله في عقد إيمان، وبمقتضى هذا العقد كتب الله عليه التكاليف. ومن هذه التكاليف القتال، فقال سبحانه :" كُتب عليكم القتال". وقوله :" عليكم" يعني أن القتال ساعة يكتب لا يبدو من ظاهر أمره إلا المشقة فجاءت " عليكم" لتناسب الأمر. وبعد انتهاء القتال إذا انتصرنا فنحن نأخذ الغنائم، وإذا انهزمنا واستشهدنا فلنا الجنة.