ولما كان من المعلوم أن المؤمنين في غاية السعي في تسهيل سبيل الله فليسوا من الصد عنه ولا من الكفر في شيء لم يشكل أن ما بعده كلام مبتدأ هو للكفار وهو قوله :﴿وصد﴾ أيّ صد كان ﴿عن سبيل الله﴾ الملك الذي له الأمر كله أي الذي هو دينه الموصل إليه أي إلى رضوانه، أو البيت الحرام فإن النبي ـ ﷺ ـ سمى الحج سبيل الله. قال الحرالي : والصد صرف إلى ناحية بإعراض وتكره، والسبيل طريق الجادة السابلة عليه الظاهر لكل سالك منهجه ﴿وكفر به﴾ أيّ كفر كان، أي بالدين، أو بذلك الصد أي بسببه فإنه كفر إلى كفرهم، وحذف الخبر لدلالة ما بعده عليه دلالة بينة لمن أمعن النظر وهو أكبر أي من القتال في الشهر الحرام، والتقييد فيما يأتي بقوله :﴿عند الله﴾ يدل على ما فهمته من أن المراد بقوله :﴿كبير﴾ في زعمهم وفي الجملة لا أنه من الكبائر. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٠٣﴾
فصل
قال الفخر :
اختلفوا في أن هذا السائل أكان من المسلمين أو من الكافرين والقائلون بأنه من المسلمين فريقان الأول : الذين قالوا إنه تعالى لما كتب عليهم القتال وقد كان عند القوم الشهر الحرام والمسجد الحرام أعظم الحرمة في المنع من القتال لم يبعد عندهم أن يكون الأمر بالقتال مقيداً بأن يكون في غير هذا الزمان وفي غير هذا المكان فدعاهم ذلك إلى أن سألوا النبي ـ ﷺ ـ، فقالوا : أيحل لنا قتالهم في هذا الشهر وفي هذا الموضع ؟ فنزلت الآية، فعلى هذا الوجه الظاهر أن هذا السؤال كان من المسلمين.