أجيب عن الأول : لم لا يجوز إضمار حرف الجر فيه حتى يكون التقدير : وكفر به وبالمسجد الحرام، والإضمار في كلام الله ليس بغريب، ثم يتأكد هذا بقراءة حمزة ﴿تَسَاءلُونَ بِهِ والأرحام﴾ ﴿النساء : ١ ] على سبيل الخفض ولو أن حمزة روى هذه اللغة لكان مقبولاً بالاتفاق، فإذا قرأ به في كتاب الله تعالى كان أولى أن يكون مقبولاً، وأما الأكثرون الذين اختاروا القول الثاني قالوا : لا شك أنه يقتضي وقوع الأجنبي بين الصلة والموصول، والأصل أنه لا يجوز إلا أنا تحملناه ههنا لوجهين الأول : أن الصد عن سبيل الله والكفر به كالشيء الواحد في المعنى، فكأنه لا فصل الثاني : أن موضع قوله :{وَكُفْرٌ بِهِ﴾ عقيب قوله :﴿والمسجد الحرام﴾ إلا أنه قدم عليه لفرط العناية، كقوله تعالى :﴿وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدًا﴾ {الإخلاص : ٤ ] كان من حق الكلام أن يقال : ولم يكن له أحد كفواً إلا أن فرط العناية أوجب تقديمه فكذا ههنا.
الوجه الثاني : في هذه الآية، وهو اختيار الفراء وأبي مسلم الأصفهاني أن قوله تعالى :﴿والمسجد الحرام﴾ عطف بالواو على الشهر الحرام، والتقدير : يسألونك عن قتال في الشهر الحرام والمسجد الحرام، ثم بعد هذا طريقان أحدهما : أن قوله :﴿قِتَالٌ فِيهِ﴾ مبتدأ، وقوله :﴿كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ بِهِ﴾ خبر بعد خبر، والتقدير : إن قتلاً فيه محكوم عليه بأنه كبير وبأنه صد عن سبيل الله، وبأنه كفر بالله.


الصفحة التالية
Icon