﴿ أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ يحتمل أن يكون جواباً من الله تعالى لهم، إذ قالوا :﴿متى نَصْرُ الله﴾ فيكون كلامهم قد انتهى عند قوله :﴿متى نَصْرُ الله﴾ ثم قال الله عند ذلك ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ ويحتمل أن يكون ذلك قولاً لقوم منهم، كأنهم لما قالوا :﴿متى نَصْرُ الله﴾ رجعوا إلى أنفسكم فعلموا أن الله لا يعلي عدوهم عليهم، فقالوا :﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ فنحن قد صبرنا يا ربنا ثقة بوعدك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٦ صـ ٢٠﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله : ألا إن نصر الله قريب} كلام مستأنف بقرينة افتتاحه بأَلاَ، وهو بشارة من الله تعالى للمسلمين بقرب النصر بعد أن حصل لهم من قوارع صدر الآية ما ملأ القلوب رُعباً، والقصد منه إكرام هذه الأمة بأنها لا يبلغ ما يمسها مبلغ ما مس من قبلها، وإكرامٌ للرسول ـ ﷺ ـ بألا يحتاج إلى قول ما قالته الرسل قبله من استبطاء نصر الله بأن يجيء نصر الله لهاته الأمة قبل استبطائه، وهذا يشير إلى فتح مكة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣١٦ ـ ٣١٧﴾
وقال الخطيب الشربينى :
﴿ألا إنّ نصر الله قريب﴾ إتيانه وفي هذا إشارة إلى أنّ الوصول إلى الله تعالى والفوز بالكرامة عنده برفض الهوى واللذات ومكابدة الشدائد والرياضات، كما قال عليه الصلاة والسلام كما رواه الشيخان وغيرهما :" حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات".
وفي رواية لهم : حجبت أي : جعلت المكاره حجاباً دون الجنة فمن خرقه دخلها. والشهوات حجاب دون النار فمن اقتحمه دخلها. أ هـ ﴿السراج المنير حـ ١ صـ ٢٢٠﴾
سؤال : فإن قيل : قوله :﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ يوجب في حق كل من لحقه شدة أن يعلم أن سيظفر بزوالها، وذلك غير ثابت.


الصفحة التالية
Icon