الرجاء : ترقب الخير مع تغليب ظن حصوله، فإن وعد الله وإن كان لا يخلف فضلاً منه وصدقاً، ولكن الخواتم مجهولة ومصادفة العمل لمراد الله قد تفوت لموانع لا يدريها المكلف ولئلا يتكلوا في الاعتماد على العمل. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٣٨﴾
قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿أُوْلئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ الله﴾ وفيه قولان : الأول أن المراد منه الرجاء، وهو عبارة عن ظن المنافع التي يتوقعها، وأراد تعالى في هذا الموضع أنهم يطمعون في ثواب الله وذلك لأن عبد الله بن جحش ما كان قاطعاً بالفوز والثواب في عمله، بل كان يتوقعه ويرجوه.
فإن قيل : لم جعل الوعد مطلقاً بالرجاء، ولم يقع به كما في سائر الآيات ؟.
قلنا : الجواب من وجوه أحدها : أن مذهبنا أن الثواب على الإيمان والعمل غير واجب عقلاً، بل بحكم الوعد، فلذلك علقه بالرجاء وثانيها : هب أنه واجب عقلاً بحكم الوعد، ولكنه تعلق بأن لا يكفر بعد ذلك وهذا الشرط مشكوك فيه لا متيقن، فلا جرم كان الحاصل هو الرجاء لا القطع وثالثها : أن المذكور ههنا هو الإيمان، والهجرة، والجهاد في سبيل الله، ولا بد للإنسان مع ذلك من سائر الأعمال، وهو أن يرجو أن يوفقه الله لها، كما وفقه لهذه الثلاثة، فلا جرم علقه على الرجاء ورابعها : ليس المراد من الآية أن الله شكك العبد في هذه المغفرة، بل المراد وصفهم بأنهم يفارقون الدنيا مع الهجرة والجهاد، مستقصرين أنفسهم في حق الله تعالى، يرون أنهم لم يعبدوه حق عبادته، ولم يقضوا ما يلزمهم في نصرة دينه، فيقدمون على الله مع الخوف والرجاء، كما قال :﴿والذين يُؤْتُونَ مَا ءاتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إلى رَبّهِمْ راجعون﴾ {المؤمنون : ٦٠ ].


الصفحة التالية
Icon