الجواب : وكرر الموصول لتعظيم الهجرة والجهاد كأنهما مستقلان في تحقيق الرجاء. وجيء باسم الإشارة للدلالة على أن رجاءهم رحمةَ الله لأجل إيمانهم وهجرتهم وجهادهم، فتأكد بذلك ما يدل عليه الموصول من الإيماء إلى وجه بناءِ الخبر، وإنما احتيج لتأكيده لأن الصلتين لما كانتا مما اشتهر بهما المسلمون وطائفة منهم صارتا كاللقب ؛ إذ يطلق على المسلمين يومئذٍ في لسان الشرع اسم الذين آمنوا كما يطلق على مسلمي قريش يومئذٍ اسم المهاجرين فأكد قَصدُ الدلالة على وجه بناء الخبر من الموصول. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٣٨﴾
سؤال : فإن قيل : فكيف قال :﴿أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ﴾ ورحمة الله للمؤمنين مستحقة ؟
ففيه جوابان :
أحدهما : أنهم لما لم يعلموا حالهم في المستقبل جاز أن يرجوا الرحمة خوفاً أن يحدث من مستقبل أمورهم مالا يستوجبونها معه.
والجواب الثاني : أنهم إنما رجوا الرحمة لأنهم لم يتيقنوها بتأدية كل ما أوجبه الله تعالى عليهم. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ١ صـ ٢٧٥﴾
لطيفة
قال قتادة : أثنى الله تعالى على أصحاب رسول الله ـ ﷺ ـ أحسن الثناء فقال :﴿إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله﴾ هؤلاء هم خيار هذه الأمة ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون وأنه من رجا طلب ومن خاف هرب. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ٢٠٧﴾
لطيفة
قال صاحب روح البيان :
قيل إن الحجاج لما أحضرته الوفاة كان يقول اللهم اغفر لى فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل ومات بواسط سنة خمس وتسعين وهى مدينته التى أنشأها وكان يوم موته يسمى عرس العراق ولم يعلم بموته حتى أشرفت جارية من القصر وهى تبكى وتقول ألا إن مطعم الطعام ومفلق الهام قد مات ثم دفن ووقف رجل من أهل الشام على قبره فقال اللهم لا تحرمنا شفاعة الحجاج وحلف رجل من أهل العراق بالطلاق أن الحجاج فى النار فاستفتى طاووس فقال : يغفر الله لمن يشاء وما أظنها إلا طلقت فيقال إنه استفتى الحسن البصرى فقال : اذهب إلى زوجتك وكن معها فإن لم يكن الحجاج فى النار فما يضركما أنكما فى الحرام فقد وقفت من هذا المذكور على أن الله تعالى غفور رحيم يغفر لعبده وإن جاء بمثل زبد البحر ذنبا، فاللازم للعباد الرجاء من الله تعالى
قال الراغب وهذه المنازل الثلاثة التى هى الإيمان والمهاجرة والجهاد هى المعنية بقوله ﴿اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا فى سبيله﴾ ولا سبيل إلى المهاجرة إلا بعد الإيمان ولا إلى جهاد الهوى إلا بعد هجران الشهوات ومن وصل إلى ذلك فحق له أن يرجو رحمته. أ هـ ﴿روح البيان حـ ١ صـ ٤١٧﴾