وعن الأم إلى أن يتم فهو كيس، فكذلك إذا آمن وعمل الصالحات وترك السيئات وبقي متردداً بين الخوف والرجاء يخاف أن لا يقبل منه وأن لا يدوم عليه وأن يختم له بالسوء، ويرجوا من الله تعالى أن يثبته بالقول الثابت ويحفظ دينه من صواعق سكرات الموت حتى يموت على التوحيد، ويحرس قلبه عن الميل إلى الشهوات بقية عمره حتى لا يميل إلى المعاصي فهو كيس، ومن عدا هؤلاء فهم المغرورون بالله " وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيل - ولتعلمن نبأه بعد حين " وعند ذلك يقولون كما أخبر الله عنهم " ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً إنا موقنون " أي علمنا أنه كما لا يولد إلا بوقاع ونكاح ولا ينبت زرع إلا بحراثة وبث بذر، فكذلك لا يحصل في الآخرة ثواب وأجر إلا بعمل صالح فارجعنا نعمل صالحاً فقد علمنا الآن صدقك في قولك " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى - كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير " أي ألم نسمعكم سنة الله في عباده وأنه " توفى كل نفس ما كسبت " وأن " كل نفس بما كسبت رهينة " فما الذي غركم بالله بعد أن سمعتم وعقلتم ؟ " قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير ".
فإن قلت : فأين مظنة الرجاء وموضعه المحمود ؟ فاعلم أنه محمود في موضعين :