فَالرَّسُولُ هُنَا لِلْجِنْسِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْغَايَةُ فِي الشِّدَّةِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ تَصْوِيرًا لَهَا كَأَنَّهَا حَاضِرَةٌ; لِيَتَمَثَّلَ الْمُخَاطَبُ هَوْلَهَا وَشِدَّتَهَا فَيَخِفُّ عِنْدَهُ مَا يَجِدُهُ مِمَّا هُوَ دُونَهَا. وَمَا مِنْ شِدَّةٍ تُصِيبُ الْأُمَمَ إِلَّا وَهِيَ دُونَ الشِّدَّةِ الَّتِي يَسْتَعْجِلُ بِهَا رُسُلُ اللهِ تَعَالَى نَصْرَ اللهِ اسْتِبْطَاءً لَهُ، وَهُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللهِ تَعَالَى وَأَشَدُّهُمُ اتِّكَالًا عَلَيْهِ وَتَسْلِيمًا لَهُ. وَلَعَمْرِي إِنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَصِلُوا فِي تِلْكَ الشِّدَّةِ الَّتِي حُمِلَتْ عَلَيْهَا الْآيَةُ إِلَى تِلْكَ النِّهَايَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا أُولَئِكَ الرُّسُلُ مَا قَالُوا، وَلَقَدْ قُتِلَ بَعْضُ النَّبِيِّينَ ضُرُوبًا مِنَ الْقَتْلِ حَتَّى وَرَدَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ نُشِرَ بِالْمِنْشَارِ حَيًّا، وَنَاهِيكَ بِأَصْحَابِ الْأُخْدُودِ الَّذِينَ أَحْرَقُوا الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ بِالنَّارِ (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٨٥ : ٨).


الصفحة التالية
Icon