وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ فِي الْآيَةِ أَنَّ (الْجَلَالَ) فَسَّرَ (أَمْ) هُنَا بِبَلْ وَالْهَمْزَةَ ؛ فَجَعَلَهَا لِلْإِضْرَابِ مَعَ الِاسْتِفْهَامِ، تَبَعًا لِلْبَصْرِيِّينَ وَوِفَاقًا لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : إِنَّ (أَمْ) تَقَعُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا الْمَعْنَى الْمَشْهُورُ; إِذْ لَا مَعْنَى لِلْإِضْرَابِ فِي أَوَّلِ الْقَوْلِ، وَمَا اسْتَشْهَدُوا بِهِ مِنَ الشِّعْرِ لَا يَشْهَدُ لِقَوْلِهِمْ، بَلْ يَصِحُّ عَلَى أَنْ تَكُونَ (أَمْ) فِي الْآيَةِ لِلِاسْتِفْهَامِ الْمُجَرَّدِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَدْ فَسَّرَ الْآيَةَ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَعْلِ (أَمْ) لِلْمُعَادَلَةِ وَحَذْفِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْمُغْنِي : إِنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ هُوَ الَّذِي أَجَازَ هَذَا وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ : وَجَوَّزَ ذَلِكَ الْوَاحِدِيُّ أَيْضًا وَعَزَا مَجِيئَهَا لِلِاسْتِفْهَامِ الْمُجَرَّدِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، ثُمَّ قَالَ : وَنَقَلَ ابْنُ الشَّجَرِيِّ عَنْ جَمِيعِ الْبَصْرِيِّينَ أَنَّهَا أَبَدًا بِمَعْنَى بَلْ وَالْهَمْزَةِ جَمِيعًا، وَأَنَّ الْكُوفِيِّينَ خَالَفُوهُمْ فِي ذَلِكَ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي قَوْلُهُمْ، إِذِ الْمَعْنَى فِي نَحْوِ (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ) (١٣ : ١٦) لَيْسَ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ.
وَذَكَرَ سِيبَوَيْهِ فِي الْكِتَابِ أَنَّ (أَمِ) الْمُتَّصِلَةَ لَا تَخْرُجُ عَنْ مَعْنَى الْمُعَادَلَةِ بِالتَّسْوِيَةِ وَأَنَّ (أَمِ)


الصفحة التالية
Icon