أو قوله تعالى :﴿ وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ ﴾ [ يونس : ٢١ ] أي : قحط.
الثالث : الضُّرُّ : المرض ؛ قال تعالى :﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ ﴾ [ يونس : ٢٠٧ ] أي : بمرض.
الرابع : الضر : الأهوال ؛ قال تعالى :﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِي البحر ﴾ [ الإسراء : ٦٧ ].
قوله :" وَزُلْزِلُوا " أي : حرِّكوا بأنواع البلايا والرَّزايا.
قال الزَّجَّاج : أصل الزَّلزلة في اللغة من زلَّ الشيء عن مكانه، فإذا قلت : زلزلته فتأويله : أنَّك كررت تلك الإزالة فضوعف لفظه بمضاعفة معناه ؛ لأن ما فيه تكريرٌ يكرّرُ فيه الفعل نحو : صَرَّ وصَرْصَرَ، وصَلَّ وصَلْصَلَ ؛ وَكَفَّ وَكَفْكَفَ، وفسر بعضهم " زُلْزِلُوا " أي : خُوِّفُوا ؛ وذلك لأنَّ الخائف لا يستقر بل يضطرب قلبه.
قول تعالى :" حَتَّى يَقُولَ " قرأ الجمهور :" يقولَ " نصباً، وله وجهان :
أحدهما : أنَّ " حَتَّى " بمعنى " إِلَى "، أي : إلى أن يقول، فهو غايةٌ لما تقدَّم من المسِّ والزلزال، و" حَتَّى " إنما ينصب بعدها المضارع المستقبل، وهذا قد وقع ومضى.
فالجواب : أنه على حكاية الحال، [ حكى تلك الحال ].
والثاني : أنَّ " حَتَّى " بمعنى " كَيْ "، فتفيد العلَّة كقوله : أطعتُ الله حَتَّى أدْخَلنِي الجنةَ، وهذا ضعيفٌ ؛ لأنَّ قول الرسول والمؤمنين ليس علَّة للمسِّ والزلزال، وإن كان ظاهر كلام أبي البقاء على ذلك، فإنه قال :" بالرفعِ على أَنْ يكونَ التقديرُ : زُلْزِلُوا فقالوا، فالزَّلْزَلَةُ سَبَبُ القولِط، و" أَنْ " بعد " حَتَّى " مُضْمَرةٌ على كِلا التقديرين.
وقرأ نافع برفعه على أنَّه حالٌ، والحال لا ينصب بعد " حَتَّى " ولا غيرها ؛ لأنَّ الناصب يخلِّص للاستقبال ؛ فتنافيا.