وهذا التفصيل دليله القياس، لأن هذه الأشربة لم يبق فيها الإسكار المعتاد، وأما الحد فلا وجه للتفصيل فيه لأنه إن كان على السكر فالجميع سواء في الإسكار، على أنه يلزم ألاّ يكون الحد إلا عند حصول السكر وليس في الآثار ما يشهد لغير ذلك، وإن كان الحد لسد الذريعة فلا أرى أن قاعدة سد الذريعة تبلغ إلى حد مرتكب الذريعة قبل حصول المتذرع إليه. وتَمسكُّ الحنفية لهذا التفصيل بأن الأنبذة شربها الصحابة هو تمسك أوهى مما قبله، إذ الصحابة يحاشون عن شرب المسكرات وإنما شربوا الأنبذة قبل اختمارها، واسم النبيذ يطلق على الحلو والمختمر فصار اللفظ غير منضبط، وقد خالف محمد بن الحسن إمامه في ذلك فوافق الجمهور. وربما ذكر بعضهم في الاستدلال أن الخمر حقيقة في شراب العنب النيء مجاز في غيره من الأنبذة والشراب المطبوخ، وقد جاء في الآية لفظ الخمر فيحمل على حقيقته وإلحاقُ غيره به إثبات اللغة بالقياس، وهذا باطل، لأن الخلاف في كون الخمر حقيقة في شراب العنب أو في الأعم خلاف في التسمية اللغوية والإطلاق، فبقطع النظر عنه كيف يظن المجتهد بأن الله تعالى يحرم خصوص شراب العنب ويترك غيره مما يساويه في سائر الصفات المؤثرة في الأحكام. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣٤١ ـ ٣٤٣﴾
وقال الآلوسى :
وعندي أنّ الحق الذي لا ينبغي العدول عنه أنّ الشراب المتخذ مما عدا العنب كيف كان وبأي اسم سمي متى كان بحيث يسكر من لم يتعوّده حرام وقليله ككثيره ويحدّ شاربه ويقع طلاقه ونجاسته غليظة.