وعقب عرض هذين النموذجين نسمع هتافاً بالذين آمنوا ليستسلموا بكليتهم لله، دون ما تردد، ودون ما تلفت، ودون ما تجربة لله بطلب الخوارق والمعجزات، كالذي فعلته بنو إسرائيل حين بدلت نعمة الله عليها وكفرتها.. ويسمى هذا الاستسلام دخولاً في السلم. فيفتح بهذه الكلمة باباً واسعاً للتصور الحقيقي الكامل لحقيقة الإيمان بدين الله، والسير على منهجه في الحياة ( كما سنفصل هذا عند مواجهة النص القرآني بإذن الله ).
وفي مواجهة نعمة الإيمان الكبرى، وحقيقة السلام التي تنشر ظلالها على الذين آمنوا.. يعرض سوء تصور الكفار لحقيقة الأمر، وسخريتهم من الذين آمنوا بسبب ذلك التصور الضال. ويقرر إلى جانب ذلك حقيقة القيم في ميزان الله :﴿ والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة ﴾..
يلي هذا تلخيص لقصة اختلاف الناس. وبيان للميزان الذي يجب أن يفيئوا إليه ليحكم بينهم فيما اختلفوا فيه. وتقرير لوظيفة الكتاب الذي أنزله الله بالحق ليحكم بين ﴿ الناس فيما اختلفوا فيه ﴾..
ويتطرق من هذا إلى ما ينتظر القائمين على هذا الميزان من مشاق الطريق ؛ ويخاطب الجماعة المسلمة فيكشف لها عما ينتظرها في طريقها الشائك من البأساء والضراء والجهد الذي لقيته كل جماعة نيطت بها هذه الأمانة من قبل. كي تعد نفسها لتكاليف الأمانة التي لا مفر منها ولا محيص عنها. وكي تقبل عليها راضية النفس، مستقرة الضمير ؛ تتوقع نصر الله كلما غام الأفق، وبدا أن الفجر بعيد!
وهكذا نرى أطرافاً من المنهج الرباني في تربية الجماعة المسلمة وإعدادها، تنحو أنحاء منوعة من الإيقاعات المؤثرة، تتخلل التوجيهات والتشريعات التي يتألف من مجموعها ذلك المنهج الرباني الكامل للحياة البشرية.


الصفحة التالية
Icon