واجب على الرجل الغنيّ أن ينفق على أبويه المحتاجين ما يصلحهما في قدر حالهما من حاله، من طعام وكُسوة وغير ذلك. قال مالك : ليس عليه أن يزوّج أباه، وعليه أن ينفق على امرأة أبيه ؛ كانت أُمُّه أو أجنبية، وإنما قال مالك : ليس عليه أن يزوّج أباه لأنه رآه يستغني عن التزويج غالباً، ولو احتاج حاجة ماسة لوجب أن يزوّجه، لولا ذلك لم يوجب عليه أن ينفق عليهما. فأما ما يتعلق بالعبادات من الأموال فليس عليه أن يعطيه ما يحج به أو يغزو ؛ وعليه أن يخرج عنه صدقة الفطر ؛ لأنها مستحقة بالنفقة والإسلام. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٣ صـ ٣٧﴾
قوله تعالى :﴿وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾
قال البقاعى :
ولما خص من ذكر عمم وبشر بقوله :﴿وما تفعلوا من خير﴾ أي مما يعد خيراً من عين أو معنى من هذا أو غيره مع هؤلاء أو غيرهم ﴿فإن الله﴾ المحيط علماً وقدرة بكل شيء. ولما كان على طريق الاستئناف في مقام الترغيب والترهيب لكونه وكل الأمر إلى المنفقين وكان سبحانه عظيم الرفق بهذه الأمة أكِد علمه بذلك فقدم بذلك فقدم الظرف إشارة إلى أن له غاية النظر إلى أعمالهم الحسنة فقال :﴿به عليم﴾ أي بالغ العلم وهو أولى من جازى على الخير. وقال الحرالي : ختم بالعلم لأجل دخول الخلل على النيات في الإنفاق لأنه من أشد شيء تتباهى به النفس فيكاد لا يسلم لها منه إلا ما لا تعلمه شمالها التي هي التفاتها وتباهيها ويختص بيمينها التي هي صدقها وإخلاصها - انتهى. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٤٠٠﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم﴾ تذييل والمقصود من قوله :﴿فإن الله به عليم﴾ الكناية عن الجزاء عليه، لأن العليم القدير إذا امتثل أحد لأمره لا يحول بينه وبين جزائه عليه حائل. وشمل عمومُ ﴿وما تفعلوا من خير﴾ الأفعالَ الواجبة والمتطوع بها فيعم النفقات وغيرها. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٣١٨﴾


الصفحة التالية
Icon